للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهمزه: الموتة بضم الميم وسكون الواو بدون همز، وفتح المثناة الفوقية، نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إلى عقله، وأصل الهمز، النخس والغمز والغيبة بين الناس، وسمي به الجنون لأنه سببه، فهو من إطلاق اسم المسبب على السبب.

ونفخه: الكبر، لأن الشيطان ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره.

ونفثه: هو الشعر، لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه، وذلك لأن الشيطان يحمل الشعراء على المدح والذم والتعظيم والتحقير في غير موضعها.

قال العيني: (إن كان هذا التفسير من متن الحديث فلا معدل عنه، وإن كان من قول بعض الرواة فلعله يراد منه السِّحْرُ، فإنه أشبه، لما شهد له التنزيل، قال الله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤]) (١).

الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال: بمشروعية الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة بهذه الصيغة، وله شاهد من حديث جبير بن مطعم وعمر بن الخطاب وأبي أمامة وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم وفي أسانيدها مقال، والقرآن قد دل على صيغة الاستعاذة بدون هذه الزيادة.

والاستعاذة مندوبة قبل كل قراءة في الصلاة وخارجها، وهذا مذهب الجمهور، وقالت الظاهرية بوجوبها (٢)، وهو قول قوي، لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، وصيغة (افعل) إذا تجردت عن القرائن فهي للوجوب. ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم واظب عليها، ولأنها تدرأ الشيطان وتبعده، وهذا واجب وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب، وهذا هو الأحوط، قال الإمام أحمد في رواية حنبل: لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا استعاذ، للآية (٣).


(١) "العَلَمُ الهَيِّب" ص (٢٦١).
(٢) "المغني" (٢/ ١٤٥) "المحلى" (٣/ ٢٤٧).
(٣) " إغاثة اللهفان" (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>