للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لعموم قوله تعالى؛ {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] وحديث المسيء (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)، لكن أجابهم الجمهور بالأحاديث الدالة على تعيين الفاتحة.

ثم حصل الخلاف بينهم في حكم قراءة الفاتحة وراء الإمام أي في حق المأموم على ثلاثة أقوال:

الأول: وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة السرية والجهرية، وأنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، وهذا قول عبادة بن الصامت وابن عباس رضي الله عنهم، والأوزاعي والليث، وبه قال الشافعي، وعليه أكثر أصحابه، واختاره الصنعاني (١)، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: (هذا أرجح الأقوال وأظهر في الدليل).

واستدلوا بحديث الباب وهو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فإنه نص صريح لا يقبل التأويل، بأن الصلاة لا تقبل ولا تجزئ إذا لم يقرأ المصلي فيها بفاتحة الكتاب، وهذا شامل للفرض والنفل، وللإمام والمأموم والمنفرد.

كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاجٌ، ثلاثاً، غير تمام»، فقيل لأبي هريرة: (إنا نكون وراء الإمام)، فقال: (اقرأ بها في نفسك) (٢).

والخداج: بالكسر النقصان، أي: ذات خداج، يقال: خدجت الناقة: إذا ألقت ولدها قبل أوانه وإن كان تام الخلق، وأخدجته: إذا ولدته ناقصاً وإن كان لتمام الولادة (٣).

فدل الحديث على وجوب قراءة الفاتحة، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصف الصلاة بدون الفاتحة بالنقصان، والمراد به: النقصان الذي لا تجزئ معه الصلاة، بدليل رواية: (لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، واسم


(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٣/ ٣٤٤) "سبل السلام" (١/ ٣٣١).
(٢) أخرجه مسلم (٣٩٥) ولأبي داود (٨٢١): (اقرأ بها يا فارسي في نفسك).
(٣) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٣/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>