المدلسين لم يخبر أنه سمع هذا من زيد بن سلام قال: وقد سمعت الدارمي أحمد بن سعيد يقول: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنى أبى عن حسين المعلم قال: لما قدم علينا عبد الله بن بريدة بعث إلى مطر الوراق احمل الصحيفة والدواة وتعال فحملت الصحيفة والدواة فأتيناه فجعل يقول: حدثنى أبى وثنا عبد الله بن مغفل فلما قدم يحيى بن أبى كثير بعث إلى مطر الوراق احمل الصحيفة والدواة وتعال فأتيناه فأخرج إلينا كتاب أبى سلام فقلنا: سمعت هذا من أبى سلام؟ قال: لا، قلنا: فمن رجل سمعه من أبى سلام؟ قال: لا، فقلنا: تحدث بأحاديث مثل هذه لم تسمعها من الرجال ولا من رجل سمعها منه فقال: أترى رجلًا جاء بصحيفة ودواة كتب أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل هذه كذبًا هذا معنى الحكاية قال أبو بكر: كتب عنى مسلم بن الحجاج هذه الحكاية". اهـ. وما ذهب إليه ابن خزيمة من كون يحيى مدلسًا غير مدفوع وما ذهب إليه من كونه في هذا الخبر أنه لم يخبر بسماع من زيد بن سلام، يدفعه ما وقع في مسند أحمد من تصريحه بالتحديث من زيد إلا أن يقال إن هذه الصيغة عن يحيى فيها نظر كما ضعفوا بعض ما ورد من بعض هذه الصيغ لقلة ورودها عن ذلك الراوى سيما متى ما كان الذى ورد عنه مدلس وانظر ما نقله الإمام ابن رجب عن أحمد وغيره في شرح العلل ٢/ ٥٩٢ وهذه الحكاية في الواقع تجعل الباحث في ريبة مما وقع في مسند أحمد من تصريح يحيى عن زيد وإن كان هذا على شرط مسلم فيمكن أن يكون علم مسلم هذا بعد التصنيف لصغر سن ابن خزيمة آن ذاك وقد كتبها عنه كما ذكر هنا فهذا من باب رواية الأكابر عن الأصاغر.
وكما ضعف ابن خزيمة حديث معاذ فقد ضعف أخبار هذا الباب كلها. وكذا الدارقطني حيث قال في العلل ما نصه: "ليس فيها صحيح وكلها مضطربة". اهـ. وقال: في المؤتلف في حديث ابن عائش: "مختلف في إسناده". اهـ. وتقدم كلام البخاري وحكايته الاضطراب في إسناده إلا أن هذا الذى تقدم عنه يضاد ما حكاه الترمذي عنه كما تقدم إلا أن يقال كلامه الذى حكاه البيهقي في حديث ابن عائش. والذى حكاه الترمذي هو في حديث معاذ وهما مختلفان لكن يعكر علينا صنيع الدارقطى فإنه يظهر من صنيعه في العلل أن الحديث واحد وقع اختلاف فيه، منهم من جعله من مسند ابن عباس، ومنهم من جعله من مسند أنس، ومنهم من جعله من مسند عبد الرحمن بن عائش، ومنهم من جعله من غير من تقدم وهذا الظاهر لذا عقب ذلك كله بكلامه المتقدم ثم وجدت