للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن راحيل صاحبَ الأحلام، قل لرؤياك تخلصك من أيدينا، ولوى عنقه ليكسرها، فنادى يوسف: يا يهوذا اتق الله فيّ، وخل بيني وبين مَنْ يريد قتلي، فأدركته له رحمة، فقال يهوذا: يا إِخوتاه، ألا أدلكم على أمرٍ هو خير لكم وأرفق به؟ قالوا: وما ذاك؟ قال: تلقونه في هذا الجب فيلتقطه بعض السّيّارة، قالوا: نفعل فانطلقوا به إِلى الجب، فخلعوا قميصه، فقال: يا إِخوتاه، لِمَ نزعتم قميصي؟

ردوه عليَّ أستر به عورتي ويكون كفناً لي في مماتي فأخرج الله له حجراً في البئر مرتفعاً من الماء، فاستقرت عليه قدماه.

وقال السدي: جعلوا يدلونه في البئر، فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال: يا إِخوتاه، ردّوا عليّ قميصي أتوارى به، فقالوا: ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكباً، فدلّوه في البئر، حتى إِذا بلغ نصفها ألقوه إِرادة أن يموت، فكان في البئر ماءٌ فسقط فيه، ثم أوى إِلى صخرة فيها فقام عليها فلما أَلْقَوْهُ في الجب جعل يبكي، فنادوه، فظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة، فمنعهم يهوذا، وكان يهوذا يأتيه بالطعام. وقال كعب: جمعوا يديه إِلى عنقه ونزعوا قميصه، فبعث الله إِليه مَلَكاً، فحلَّ عنه وأخرج له حجراً من الماء، فقعد عليه وكان يعقوب قد أدرج قميص إِبراهيم الذي كساه الله إِياه يوم أُلْقي في النار في قصبة، وجعلها في عنق يوسف، فألبسه إِياه الملك حينئذ، وأضاء له الجب. وقال الحسن: أُلقي في الجب، فَعَذُبَ ماؤه، فكان يغنيه عن الطعام والشراب ودخل عليه جبريل، فأنس به، فلما أمسى نهض جبريل ليذهب، فقال له يوسف: إِنك إِذا خرجت عني استوحشت، فقال: إِذا رهبت شيئاً فقل: يا صريخ المستصرخين، ويا غوث المستغيثين، ويا مفرِّج كرب المكروبين، قد ترى مكاني وتعلم حالي ولا يخفى عليك شيء من أمري. فلما قالها حفّته الملائكة، فاستأنس في الجب ومكث فيه ثلاثة أيام، وكان إِخوته يرعون حول الجب. وقال محمد بن مسلم الطائفي: لما أُلقي يوسف في الجُبِّ، قال: يا شاهدا غير غائب، ويا قريباً غير بعيد، ويا غالباً غير مغلوب، اجعل لي فرجاً مما أنا فيه قال: فما بات فيه. وفي مقدار سنِّة حين أُلقي في الجب أربعة أقوال: أحدها: اثنتا عشرة سنة، قاله الحسن. والثاني: ست سنين، قاله الضحاك.

والثالث: سبع عشرة، قاله ابن السائب، وروي عن الحسن أيضاً. والرابع: ثمان عشرة.

قوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ فيه قولان: أحدهما: أنه إِلهام، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنه وحي حقيقة. قال المفسرون: أُوحي إِليه لتخبرنّ إِخوتك بأمرهم، أي: بما صنعوا بك وأنت عال عليهم. وفي قوله تعالى: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ قولان: أحدهما: لا يشعرون أنك يوسف وقت إِخبارك لهم، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. والثاني: لا يشعرون بالوحي، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد. فعلى الأول يكون الكلام من صلة «لتنبئنهم» وعلى الثاني من صلة «وأوحينا إِليه» .

قال حميد: قلت للحسن: أيحسد المؤمنُ المؤمن؟ قال: لا أبا لك، ما نسّاك بني يعقوب؟

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٦ الى ١٧]

وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧)

قوله تعالى: وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ وقرأ أبو هريرة، والحسن، وابن السميفع، والأعمش:

<<  <  ج: ص:  >  >>