رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عزم عامر بن الطُّفَيْل وأربد بن قيس على قتله، فمنعه الله منهما، وأنزل هذه الآية «١» .
والقول الثاني: أن المعقِّبات حُرَّاس الملوك الذين يتعاقبون الحَرْس، وهذا مروي عن ابن عباس وعكرمة. وقال الضحّاك: هم السلاطين المشركون المحترسون من الله تعالى.
وفي قوله تعالى: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ سبعة أقوال: أحدها: يحرسونه من أمر الله ولا يقدرون، هذا على قول من قال: هي في المشركين المحترسين من أمر الله. والثاني: أن المعنى: حِفْظُهم له من أمر الله، قاله ابن عباس، وابن جُبير، فيكون تقدير الكلام: هذا الحفظ ممّا أمرهم الله به. والثالث:
يحفظونه بأمر الله، قاله الحسن، ومجاهد، وعكرمة. قال اللغويون: والباء تقوم مقام «مِنْ» ، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض. والرابع: يحفظونه من الجن، قاله مجاهد، والنخعي. وقال كعب:
لولا أن الله تعالى وكَّل بكم ملائكة يَذُبُّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم، إذن لتخطَّفَتْكم الجن. وقال مجاهد: ما من عَبْدٍ إِلا ومَلَكٌ موكّل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإِنس والهوامِّ، فإذا أراده شيء، قال: وراءك وراءك، إِلا شيء قد قضي له أن يصيبه. وقال أبو مجلز: جاء رجل من مُراد إِلى عليّ عليه السلام، فقال: احترس، فإن ناساً من مُراد يريدون قتلك، فقال: إِن مع كل رجل ملَكين يحفظانه مما لم يقدَّر، فاذا جاء القدر خلَّيا بينه وبينه، وإِن الأجل جُنَّة حصينة. والخامس: أن في الكلام تقديماً وتأخيراً، والمعنى: له معقِّبات من أمر الله يحفظونه، قاله أبو صالح، والفراء. والسادس:
يحفظونه لأمر الله فيه حتى يُسْلِموه إِلى ما قدِّر له، ذكره أبو سليمان الدمشقي، واستدل بما روى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: يحفظونه من أمر الله، حتى إِذا جاء القَدَر خلّوا عنه. وقال عكرمة: يحفظونه لأمر الله. والسابع: يحفظون عليه الحسنات والسيئات، قاله ابن جُريج. قال الأخفش: وإِنما أنَّث المعقّبات لكثرة ذلك منها، نحو النسَّابة، والعلاَّمة ثم ذكَّر في قوله: «يحفظونه» لأن المعنى مذكَّر.
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ أي: لا يسلبهم نِعَمَهُ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فيعملوا بمعاصيه. قال مقاتل: ويعني بذلك كفار مكة. قوله تعالى: وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فيه قولان:
أحدهما: أنه العذاب. والثاني: البلاء.
قوله تعالى: فَلا مَرَدَّ لَهُ أي: لا يردُّه شيء ولا تنفعه المعقِّبات. وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ يعني: من دون الله مِنْ والٍ أي: من وليّ يدفع عنهم العذاب والبلاء.
[[سورة الرعد (١٣) : آية ١٢]]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢)
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً فيه أربعة أقوال: أحدها: خوفاً للمسافر وطمعاً للمقيم، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال قتادة: فالمسافر خاف أذاه ومشقَّته والمقيم يرجو منفعته. والثاني: خوفاً من الصواعق وطمعاً في الغيث، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الحسن.
والثالث: خوفاً للبلد الذي يخاف ضرر المطر وطمعاً لمن يرجو الانتفاع به، ذكره الزجاج. والرابع:
خوفاً من العقاب وطمعاً في الثواب، ذكره الماوردي. وكان ابن الزبير إِذا سمع صوت الرعد يقول: إن هذا وعيد شديد لأهل الأرض.
(١) يأتي عند الآية (١٣) .