للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الإنسان]

سورة هل أتى: ويقال لها: سورة الدهر وفيها ثلاثة أقوال «١» : أحدها: أنها مدنيّة كلّها، قاله الجمهور منهم، مجاهد وقتادة. والثاني:

مكيّة، قاله ابن يسار، ومقاتل، وحكي عن ابن عباس. والثالث: أنّ فيها مكّيّا ومدنيّا.

ثم في ذلك قولان: أحدهما: أن المكّيّ منها آية، وهي قوله عزّ وجلّ: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً وباقيها جميعه مدنيّ، قاله الحسن وعكرمة. والثاني: أنّ أوّلها مدنيّ إلى قوله عزّ وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ «٢» ومن هذه الآية إلى آخرها مكّيّ، حكاه الماورديّ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣)

قوله تعالى: هَلْ أَتى قال الفراء: معناه: قد أتى. و «هل» تكون خبراً، وتكون جحداً، فهذا من الخبر، لأنك تقول: هل وعظتك؟ هل أعطيتك؟ فتقرِّره بأنك قد فعلت ذلك. والجحد، أن تقول:

وهل يقدر أحد على مثل هذا؟ وهذا قول المفسرين، وأهل اللغة. وفي هذا الإنسان قولان: أحدهما:

أنه آدم عليه السلام. والحين الذي أتى عليه: أربعون سنة، وكان مصوَّراً من طين لم يُنُفَخ فيه الروح، هذا قول الجمهور. والثاني: أنه جميع الناس، روي عن ابن عباس، وابن جريج، فعلى هذا يكون الإنسان اسم جنس، ويكون الحين زمان كونه نطفة، وعلقة، ومضغة.

قوله عزّ وجلّ: لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً المعنى: أنه كان شيئاً، غير أنه لم يكن مذكوراً.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني: ولد آدم مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قال ابن قتيبة: أي:

أخلاط. يقال: مشجته، فهو مشيج، يريد: اختلاط ماء المرأة بماء الرجل.

قوله تعالى: نَبْتَلِيهِ قال الفراء: هذا مقدَّم، ومعناه التأخير، لأن المعنى: خلقناه وجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه. قال الزجاج: المعنى: جعلناه كذلك لنختبره وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ


(١) قال القرطبي رحمه الله في «الجامع لأحكام القرآن» ١٩/ ١٧٠: قال الجمهور: مدنية وقيل: فيها مكي، من قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا [الإنسان: ٢٣] إلى آخر السورة وما تقدّمه مدني.
(٢) الإنسان: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>