الحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. والثاني: أنه موسى بن عمران عليه السلام، قاله الشعبي، ومسروق. فعلى القول الأول يكون ذكر المثل صلة، فيكون المعنى: وشهد شاهد من بني إِسرائيل عليه، أي: على أنه من عند الله، فَآمَنَ الشاهد، وهو ابن سلام وَاسْتَكْبَرْتُمْ يا معشر اليهود. وعلى الثاني يكون المعنى: وشَهِد موسى على التوراة التي هي مِثْل القرآن أنها من عند الله، كما شهد محمد على القرآن أنه كلام الله، «فآمن» مَنْ آمن بموسى والتوراة «واستَكْبرتُم» أنتم يا معشر العرب أن تؤمِنوا بمحمد والقرآن.
فإن قيل: أين جواب «إِنْ» قيل: هو مُضْمَر وفي تقديره ستة أقوال: أحدها: أن جوابه: فَمنْ أَضَلُّ منكم، قاله الحسن. والثاني: أن تقدير الكلام: وشَهِدَ شاهدٌ من بني إِسرائيل على مثله فآمن، أتؤمِنون؟ قاله الزجاج. والثالث: أن تقديره: أتأمنون عقوبة الله؟ قاله أبو علي الفارسي. والرابع: أن تقديره: أفما تهلكون؟ ذكره الماوردي. والخامس: مَن المُحِقُّ مِنّا ومِنكم ومَن المُبْطِل؟ ذكره الثعلبي.
والسادس: أن تقديره: أليس قد ظَلَمْتُمْ؟ ويدُلُّ على هذا المحذوف قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، ذكره الواحدي.
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا الآية، في سبب نزولها خمسة أقوال «١» : أحدها:
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ١٨٥: وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ أي: قالوا عن المؤمنين بالقرآن: لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه، يعنون المستضعفين والعبيد والإماء، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية. وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا، وأخطئوا خطأ بينا، كما قال تعالى: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أي: يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ولهذا قالوا: لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ، وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة، لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها.