قط بعذاب واحد، إلا قوم شعيب وصالح، فأما قوم صالح، فأخذتهم الصيحة من تحتهم، وأما قوم شعيب، فأخذتهم من فوقهم، نشأت لهم سحابة كهيئة الظُلَّة فيها ريح بعد أن امتنعت الريح عنهم، فَأَتَوْها يستظلُّون تحتها فأحرقتهم.
قوله تعالى: كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ أي: كما هلكت ثمود. قال ابن قتيبة: يقال: بَعِدَ يَبْعَدُ: إِذا كان بُعْده هلكة وبَعُدَ يبعد: إذا نأى.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩٦ الى ٩٧]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)
قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا قال الزجاج: بعلاماتنا التي تدل على صحة نبوته.
وَسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: حجة بيِّنة. قوله تعالى: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وهو ما أمرهم به من عبادته واتخاذه إِلهاً. وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ أي: مرشد إلى خير.
[[سورة هود (١١) : آية ٩٨]]
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨)
قوله تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ قال الزجاج: يقال: قَدَمْت القوم أقدُمهم، قَدْماً وقُدوما:
إِذا تقدمتهم والمعنى: يقدمهم إِلى النار ويدل عليه قوله تعالى: فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ قال ابن عباس:
أوردهم بمعنى أدخلهم. وقال قتادة: يمضي بين أيديهم حتى يهجم بهم على النار. وقوله تعالى:
وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ قال المفسرون: الوِرد: الموضع الذي ترِده. وقال ابن الأنباري: الوِرد: مصدر معناه: الورود، تجعله العرب بمعنى الموضع المورود فتلخيص الحرف: وبئس المدخل المدخول النار.
[[سورة هود (١١) : آية ٩٩]]
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩)
قوله تعالى: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ. في هذه اللعنة قولان:
أحدهما: أنها في الدنيا الغرق، وفي الآخرة عذاب النار، هذا قول الكلبي، ومقاتل.
والثاني: أنها اللعنة في الدنيا من المؤمنين، وفي الآخرة من الملائكة، ذكره الماوردي «١» .
قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ قال ابن قتيبة: الرفد: العطية يقول: اللعنة بئس العطية يقال: رفَدته أرفِده: إِذا أعطيته وأعنته. والمرفود: المعطى.
[[سورة هود (١١) : آية ١٠٠]]
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠)
قوله تعالى: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى يعني ما تقدم من الخبر عن القرى المهلَكة. نَقُصُّهُ عَلَيْكَ أي: نخبرك به مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ قال قتادة: القائم: ما يرى مكانه، والحصيد: لا يرى أثره. وقال ابن قتيبة: القائم: الظاهر العين، والحصيد: الذي قد أبيد وحُصد. وقال الزجاج: القائم: ما بقيت حيطانه، والحصيد: الذي خُسِف به وما قد امَّحى أثره.
(١) في تفسيره: ٢/ ٥٠٢.