للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ أي: دخلوا كافرين، وخرجوا كافرين، فالكفر معهم في حالتيهم، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ من الكفر والنّفاق.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٢]]

وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢)

قوله تعالى: وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يعني: اليهود يُسارِعُونَ، أي: يبادرون فِي الْإِثْمِ وفيه قولان: أحدهما: أنه المعاصي، قاله ابن عباس. والثاني: الكفر، قاله السدي.

فأما العدوان فهو الظلم. وفي «السحت» ثلاثة أقوال: أحدها: الرّشوة في الحكم. والثاني:

الرشوة في الدين. والثالث: الربا.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٣]]

لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)

قوله تعالى: لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ «لولا» بمعنى: «هلاّ» ، و «الربّانيون» مذكورون في آل عمران، ووَ الْأَحْبارُ قد تقدم ذكرهم في هذه السورة. وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإِنكار في الذم. قال ابن عباس: ما في القرآن آية أشدَّ توبيخاً من هذه الآية.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٤]]

وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)

قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ قال أبو صالح عن ابن عباس: نزلت في فنحاص اليهودي وأصحابه، قالوا: يد الله مغلولة. وقال مقاتل: فنحاص وابن صلوبا «١» ، وعازر بن أبي عازر. وفي سبب قولهم هذا ثلاثة أقوال: أحدها: أن الله تعالى كان قد بسط لهم الرزق، فلما عصوا الله تعالى في أمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم وكفروا به كفَّ عنهم بعض ما كان بسط لهم، فقالوا: يد الله مغلولة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والثاني: أن الله تعالى استقرض منهم كما استقرض من هذه الأمة، فقالوا:

إِن الله بخيل، ويده مغلولة فهو يستقرضنا، قاله قتادة. والثالث: أن النصارى لما أعانوا بختنصر المجوسي على تخريب بيت المقدس، قالت اليهود: لو كان الله صحيحاً لمنعنا منه، فيده مغلولة، ذكره قتادة أيضاً.

والمغلولة: الممسَكة المنقبضة. وعن ماذا عَنوا أنها ممسكة، فيه قولان:

أحدهما: عن العطاء، قاله ابن عباس، وقتادة، والفرّاء، وابن قتيبة، والزجّاج.

والثاني: ممسكة من عذابنا، فلا يعذبنا إِلا تحلّة القسم بقدر عبادتنا العجل، قاله الحسن.

وفي قوله تعالى: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ثلاثة أقوال: أحدها: غلت في جهنم، قاله الحسن. والثاني:

أُمسكت عن الخير، قاله مقاتل. والثالث: جُعِلوا بُخلاء، فهم أبخل قوم، قاله الزجّاج. قال ابن


(١) كذا في الأصل، وفي بعض كتب التفسير «صوريا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>