أُي: لاَ يُسْتَمْرَأُ. قال الزجاج: الوبيل: الثقيل الغليظ جداً. ومنه قيل للمطر العظيم: وابل. قال مقاتل:
والمراد بهذا الأخذ الوبيل: الغرق. وهذا تخويف لكفار مكة أن ينزل بهم العذاب لتكذيبهم، كما نزل بفرعون:
قوله عزّ وجلّ: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً أي: عذاب يوم. وقال الزجاج: المعنى: بأي شيء تتحصَّنون من عذاب يوم مِنْ هوله يَشيب الصغير من غير كِبَر. وقرأ أُبي بن كعب، وأبو عمران «نجعل الولدان» بالنون.
قوله عزّ وجلّ: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ قال الفراء: السماء تُذَكَّر وتؤنَّث. وهي هاهنا في وجه التذكير. قال الشاعر:
فَلَوْ رَفَع السَّماءُ إليه قوماً ... لَحِقْنَا بِالسَّماءِ مَعَ السَّحابِ
قال الزجاج: وتذكير السماء على ضربين: أحدهما: على أن معنى السماء معنى السقف.
والثاني: على قولهم: امرأة مُرْضِع على جهة النسب. فالمعنى: السماء ذات انفطار، كما أن المرضع ذات الرضاع. وقال ابن قتيبة: ومعنى الآية: السماء مُنْشَقّ به، أي: فيه، يعني في ذلك اليوم.
قوله عزّ وجلّ: كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا وذلك أنه وعيد بالبعث، فهو كائن لا محالة.
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)
إِنَّ هذِهِ يعني: آيات القرآن تَذْكِرَةٌ أي: تذكير وموعظة فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا.
قوله عزّ وجلّ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى أي: أقل مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ قرأ ابن كثير، وأهل الكوفة بفتح الفاء والثاء. والباقون: بكسرهما.
قوله عزّ وجلّ: وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ يعني: المؤمنين وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يعلم مقاديرهما، فيعلم القدر الذي تقومونه من الليل عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وفيه قولان:
أحدهما: لن تطيقوا قيام ثُلُثَيِ الليل، ولا ثلث الليل، ولا نصف الليل، قاله مقاتل.
والثاني: لن تحفظوا مواقيت الصلاة، قاله الفرّاء، قاله: فَتابَ عَلَيْكُمْ أي: عاد عليكم بالمغفرة والتخفيف فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ عليكم مِنَ الْقُرْآنِ يعني: في الصلاة، من غير أن يوقت وقتاً. وقال الحسن: هو ما يقرأ في صلاة المغرب والعشاء. ثم ذكر أعذارهم فقال عزّ وجلّ: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى فلا يطيقون قيام الليل وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ وهم المسافرون للتجارة يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أي: من رزقه فلا يطيقون قيام الليل وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم المجاهدون فلا يطيقون قيام