للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ فتح ياء «إني» ابن كثير، وأبو عمرو. وقرأ ابن كثير، ونافع «برسالتي» قال الزجاج: المعنى: اتخذتك صفوة على الناس برسالاتي وبكلامي، ولو كان إنما سمع كلام غير الله لما قال: «برسالاتي وبكلامي» لأن الملائكة تنزل إلى الأنبياء بكلام الله.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٥]]

وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)

قوله تعالى: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ في ماهية الألواح سبعة أقوال:

أحدها: أنها زبرجد، قاله ابن عباس. والثاني: ياقوت، قاله سعيد بن جبير. والثالث: زمرُّد أخضر، قاله مجاهد. والرابع: بَرَد، قاله أبو العالية. والخامس: خشب، قاله الحسن. والسادس:

صخر، قاله وهب بن منبه. والسابع: زمرد وياقوت، قاله مقاتل. وفي عددها أربعة أقوال: أحدها:

سبعة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: لوحان، رواه أبو صالح عن ابن عباس، واختاره الفراء. قال: وإنما سماها الله تعالى ألواحاً، على مذهب العرب في إيقاع الجمع على التثنية، كقوله تعالى: وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ «١» يريد داود؟؟؟؟، وسليمان، وقوله تعالى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما «٢» .

والثالث: عشرة، قاله وهب. والرابع: تسعة، قاله مقاتل.

وفي قوله تعالى: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قولان: أحدهما: من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام والواجب وغيره. والثاني: من الحِكَم والعِبَر.

قوله تعالى: مَوْعِظَةً أي: نهياً عن الجهل. وَتَفْصِيلًا أي: تبييناً لكل شيء من الأمر والنهي والحدود والأحكام. قوله تعالى: فَخُذْها بِقُوَّةٍ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: بجدٍّ وحزم، قاله ابن عباس. والثاني: بطاعة، قاله أبو العالية. والثالث: بشكر، قاله جويبر.

قوله تعالى: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها إن قيل: كأن فيها ما ليس بحسن؟ فعنه جوابان:

أحدهما: أن المعنى: يأخذوا بحسنها، وكلها حَسَن، قاله قطرب، وقال ابن الأنباري: ناب «أحسن» عن «حسن» كما قال الفرزدق:

إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنى لَنَا ... بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ «٣»

أي: عزيزة طويلة. وقال غيره: «الأحسن» ها هنا صلة، والمعنى أن يأخذوا بها.

والثاني: أن بعض ما فيها أحسن من بعض. ثم في ذلك خمسة أقوال: أحدها: أنهم أُمروا فيها بالخير ونُهوا عن الشر، فَفِعْلُ الخير هو الأحسن. والثاني: أنها اشتملت على أشياء حسنة بعضها أحسن من بعض، كالقصاص والعفو والانتصار والصبر، فأُمِروا أن يأخذوا بالأحسن، ذكر القولين الزجاج.

فعلى هذا القول، يكون المعنى: انهم يتبعون العزائم والفضائل، وعلى الذي قبله، يكون المعنى: أنهم يتبعون الموصوف بالحسن وهو الطاعة، ويجتنبون الموصوف بالقبح وهو المعصية. والثالث: أحسنها:


(١) سورة الأنبياء: ٧٨.
(٢) سورة التحريم: ٤. [.....]
(٣) البيت منسوب إلى الفرزدق، ديوانه ٢/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>