للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية والتي قبلها منسوخ بآية السيف. قال ابن جرير: لا وجه لادِّعاء النسخ، لأن بِرَّ المؤمنين للمحاربين سواء كانوا قرابة أو غير قرابة، غير محرم إذا لم يكن في ذلك تقوية لهم على الحرب بكراع أو سلاح، أو دلالة لهم على عورة أهل الإسلام. ويدل على ذلك حديث أسماء وأمّها الذي سبق «١» .

[سورة الممتحنة (٦٠) : الآيات ١٠ الى ١١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠) وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ.

(١٤٣٠) قال ابن عباس: إنّ مشركي مكّة صالحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الحُديبية على أنَّ من أتاه من أهل مكة ردَّه إليهم. ومن أتى أهل مكة من أصحابه، فهو لهم، وكتبوا بذلك الكتاب، وختموه، فجاءت سُبَيْعَة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب والنبي بالحُديبية، فأقبل زوجها وكان كافراً، فقال: يا محمد اردد عليَّ امرأتي فإِنك قد شرطت لنا أن تردَّ علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تَجِفَّ بعدُ، فنزلت هذه الآية.

(١٤٣١) وذكر جماعة من العلماء منهم محمّد بن سعد كاتب الواقدي أن هذه الآية نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وهي أول من هاجر من النساء إلى المدينة بعد هجرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فَقَدِمَتْ المدينة في هدنة الحديبية، فخرج في أثرها أخواها الوليد وُعمارة ابنا عقبة، فقالا: يا محمّد أوف لنا بشروطنا، وقالت أم كلثوم: يا رسول الله أنا امرأة، وحال النساء إلى الضعف ما قد علمت، فتردّني إلى الكفار يفتنوني عن ديني، ولا صبر لي؟! فنقض الله العهد في النِّساء، وأنزل فيهن المحنة، وحكم فيهنَّ بحكم رضوه كلّهم، ونزل في أم كلثوم: فَامْتَحِنُوهُنَّ فامتحنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وامتحن النساء بعدها يقول: والله ما أخرجكنَّ الا حبُّ الله ورسولهِ، وما خرجتنَّ لزوج ولا مال؟ فإذا قلن ذلك تركن، فلم يرددن إلى أهليهن.

وقد اختلف العلماء في المرأة التي كانت سبباً لنزول هذه الآية على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها


ذكره المصنف هاهنا عن ابن عباس معلقا، وكذا ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨١٤ والبغوي في «تفسيره» ٤/ ٣٠٣ عن ابن عباس بدون إسناد، فهذا لا شيء لخلوه عن الإسناد. وورد في «الإصابة» ٤/ ٥٢٤- ٥٢٥: أن سبيعة بنت الحارث أول امرأة أسلمت بعد صلح الحديبية إثر العقد وطي الكتاب، ولم تخف فنزلت آية الامتحان. وانظر «أحكام القرآن» ٢٠٨٤ وما بعده بتخريجنا.
ذكره ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ١٨٣- ١٨٤ هكذا بدون عزو لأحد.
وذكر أم كلثوم صح عند البخاري ٢٧١١ و ٢٧١٢ في أثناء حديث مطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>