قلت: وهو في الآية مراد بالمعنيين معا، فإنه تعالى يحب من خلقه إحسان بعضهم إلى بعض، حتى أن الطائر في سجنك والسنّور في دارك لا ينبغي أن تقصر تعهده بإحسانك، وهو تعالى غني عن إحسانهم ومنه الإحسان والنعم والفضل والمنن. (٢) سورة النساء: ٥٨. (٣) قال الإمام الطبري رحمه الله ٧/ ٦٣٦: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى أمر في هذه الآية عباده بالوفاء بعهوده التي يجعلونها على أنفسهم، ونهاهم عن نقض الأيمان بعد توكيدها على أنفسهم لآخرين، بعقود تكون بينهم بحق، مما لا يكرهه الله. وجائز أن تكون نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهيهم عن نقض بيعتهم حذرا من قلة عدد المسلمين، وكثرة عدد المشركين، وأن تكون نزلت في الذين أرادوا الانتقال بحلفهم عن حلفائهم لقلة عددهم في آخرين لكثرة عددهم. وجائز أن تكون في غير ذلك، ولا خبر تثبت به الحجة أنها نزلت في شيء من ذلك دون شيء، ولا دلالة في كتاب ولا حجة عقل أي ذلك عني بها، ولا قول في ذلك أولى بالحق مما قلنا لدلالة ظاهره عليه، وأن الآية كانت قد نزلت لسبب من الأسباب، ويكون الحكم بها عاما في كل ما كان بمعنى السبب الذي نزلت فيه.