حججك على نُبُوَّتك، ولكن الله قد سلبه التّوفيق. وقال مقاتل: وَلَوْ في الآيتين بمعنى «إذا» .
[[سورة يونس (١٠) : آية ٤٤]]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤)
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً لما ذكر الذين سبق القضاء عليهم بالشقاوة، أخبر أن تقدير ذلك عليهم ليس بظلم، لأنه يتصرف في ملكه كيف شاء، وهم إِذا كسبوا المعاصي فقد ظلموا أنفسهم، لأن الفعل منسوب إِليهم، وإِن كان بقضاء الله.
قوله تعالى: وَلكِنَّ النَّاسَ قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: «ولكنِ الناسُ» بتخفيف النون وكسرها، ورفع الاسم بعدها.
[[سورة يونس (١٠) : آية ٤٥]]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (٤٥)
قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وقرأ حفص: يَحْشُرُهُمْ بالياء. قال أبو سليمان الدمشقي: هم المشركون. قوله تعالى: كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ فيه قولان: أحدهما: كأن لم يلبثوا في قبورهم، قاله ابن عباس. والثاني: في الدنيا، قاله مقاتل. قال الضحاك: قصر عندهم مقدار الوقت الذي بين موتهم وبعثهم، فصار كالساعة من النهار، لهول ما استقبلوا من القيامة.
قوله تعالى: يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قال ابن عباس: إِذا بعثوا من القبور تعارفوا، ثم تنقطع المعرفة.
قال الزجاج: وفي معرفة بعضهم بعضاً، وعِلم بعضهم بإضلال بعض، التوبيخُ لهم، وإِثباتُ الحجة عليهم. وقيل: إِذا تعارفوا وبَّخ بعضهم بعضاً، فيقول هذا لهذا: أنت أضللتني، وكسَّبتني دخول النار.
قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا هو من قول الله عزّ وجلّ، لا مِن قولهم: والمعنى خسروا ثواب الجنة إِذْ كذَّبوا بالبعث وَما كانُوا مُهْتَدِينَ من الضّلالة.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (٤٦) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٤٧)
قوله تعالى: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ قال المفسرون: كانت وقعة بدر مما أراه الله في حياته من عذابهم. أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن نريَك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ بعد الموت، والمعنى: إِن لم ننتقم منهم عاجلاً، انتقمنا آجلاً.
قوله تعالى: ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ من الكفر والتكذيب. قال الفراء: «ثم» ها هنا عطف، ولو قيل: معناها: هناك الله شهيد، كان جائزا. وقال غيره: «ثم» ها هنا بمعنى الواو. وقرأ ابن أبي عبلة: «ثَمَّ الله شهيد» بفتح الثاء، يراد به: هنالك الله شهيد.
قوله تعالى: فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ، فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: إِذا جاء في الدنيا بعد الإِذن له في دعائهم، قضي بينهم بتعجيل الانتقام منهم، قاله الحسن. وقال غيره: إِذا جاءهم في الدنيا، حُكم عليهم عند اتباعه وخلافه بالطاعة والمعصية.