للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي يوسف، ومحمد. والقول الثاني: أن المراد بالوارث هاهنا، وارث الوالد، روي عن الحسن والسدي. والثالث: أن المراد بالوارث الباقي من والدي الولد بعد وفاة الآخر، روي عن سفيان.

والرابع: أنه أريد بالوارث الصبي نفسه، فالنفقة عليه، فإن لم يملك شيئاً، فعلى عصبته، قاله الضحاك، وقبيصة بن ذؤيب. قال شيخنا عليّ بن عبيد الله: وهذا القول لا ينافي قول من قال: المراد بالوارث وارث الصبي، لأن النفقة تجب للموروث على الوارث إذا ثبت إعسار المنفق عليه. وفي قوله تعالى:

مِثْلُ ذلِكَ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الإشارة إلى أجرة الرضاع والنفقة، روي عن عمر، وزيد بن ثابت، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وابراهيم، وقتادة، وقبيصة بن ذؤيب، والسدي. واختاره ابن قتيبة. والثاني: أن الإشارة بذلك إلى النهي عن الضرار، روي عن ابن عباس والشعبي والزهري.

واختاره الزجاج. والثالث: أنه إشارة إلى جميع ذلك، روي عن سعيد بن جبير ومجاهد ومقاتل وأبي سليمان الدمشقي واختاره القاضي أبو يعلى. ويشهد لهذا أنه معطوف على ما قبله، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة، وأن لا يضار، فيجب أن يكون قوله: مِثْلُ ذلِكَ مشيراً إلى جميع ما على المولود له.

قوله تعالى: فَإِنْ أَرادا فِصالًا، الفصال: الفطام. قال ابن قتيبة: يقال: فصلت الصبيّ من أمّه:

إذا فطمته. ومنه قيل للحوار «١» إذا قُطع عن الرضاع: فصيل، لأنه فصل عن أمه، وأصل الفصل:

التفريق. قال مجاهد: التشاور فيما دون الحولين إن أرادت أن تفطم وأبى، فليس لها، وإن أراد هو، ولم ترد، فليس له ذلك حتى يقع ذلك عن تراض منهما وتشاور، يقول: غير مسيئين إلى أنفسهما وإلى صبيهما. قوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ، قال الزجاج: أي: لأولادكم. قال مقاتل: إِذا لم ترض الأم بما يرضى به غيرها، فلا حرج على الأب أن يسترضع لولده. وفي قوله تعالى: إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ قولان: أحدهما: إذا سلَّمتم أيها الآباء إِلى أمهات الأولاد أُجور ما أرضعن قبل امتناعهن، قاله مجاهد، والسدي. والثاني: إذا سلمتم إلى الظئر أجرها بالمعروف، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل. وقرأ ابن كثير (ما أتيتم) بالقصر، قال أبو عليّ: وجهه أن يقدّر فيه: ما أوتيتم نقده أو أوتيتم سوقه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما تقول: أتيت جميلا، أي: فعلته.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٤]]

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ، أي: يقبضون بالموت. وقرأ المفضَّل عن عاصم «يَتوفون» بفتح الياء في الموضعين. قال ابن قتيبة: هو من استيفاء العدد، واستيفاء الشيء: أن نستقصيه كلّه، يقال: توفّيته واستوفيته، كما يقال: تيقّنت الخير واستيقنته، هذا الأصل، ثم قيل للموت: وفاة وتوفّ يَتَرَبَّصْنَ ينتظرن، قال الفراء: وإنما قال: وَعَشْراً ولم يقل: عشرة، لأن العرب إذا أبهمت العدد من الليالي والأيام، غلّبوا عليه الليالي على الأيام، حتى إنهم ليقولون: صمنا عشراً من شهر رمضان،


(١) في «اللسان» الحوار: ولد الناقة من حين يوضع إلى أن يفطم ويفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>