للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «جزاءُ الحسنى» برفع مضاف. قال الفراء: «الحسنى» : الجنة، وأضيف الجزاءُ إِليها، وهي الجزاء، كقوله: وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) «١» دِينُ الْقَيِّمَةِ «٢» وَلَدارُ الْآخِرَةِ «٣» قال أبو علي الفارسي:

المعنى: فله جزاء الخلال الحسنى، لأن الإِيمان والعمل الصالح خِلال. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف، ويعقوب: «جزاءً» بالنصب والتنوين قال الزجاج: وهو مصدر منصوب على الحال، المعنى: فله الحسنى مجزيّا بها جزاء. قال ابن الأنباري: وقد يكون الجزاء غير الحسنى إِذا تأوَّل الجزاء بأنه الثواب والحسنى: الحسنة المكتسبة في الدنيا، فيكون المعنى: فله ثواب ما قدَّم من الحسنات.

قوله تعالى: وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً أي: نقول له قولا جميلا.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٨٩ الى ٩١]

ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (٩٠) كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً (٩١)

قوله تعالى: ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أي: طريقا آخر يوصله إِلى المَشْرِق. قال قتادة: مضى يفتح المدائن ويجمع الكنوز ويقتل الرجال إِلا من آمن حتى أتى مطلع الشمس فأصاب قوماً في أسرابٍ عراةً، ليس لهم طعام إِلا ما أحرقت الشمس إِذا طلعت، فإذا توسطت السماء خرجوا من أسرابهم في طلب معايشهم مما أحرقته الشمس. وبلغَنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليه بنيان، فيقال: إنهم الزّنج. وقال الحسن:

إِذا غربت الشمس خرجوا يتراعَون كما يتراعى الوحش. وقرأ الحسن، ومجاهد، وأبو مجلز، وأبو رجاء، وابن محيصن: «مَطْلَع الشمس» بفتح اللام. قال ابن الأنباري: ولا خلاف بين أهل العربية في أن المَطْلِع، والمَطْلَع كلاهما يعنى بهما المكانُ الذي تطلع منه الشمس. ويقولون: ما كان على فَعَل يَفْعُل، فالمصدر واسم الموضع يأتيان على المَفْعَل، كقولهم: المَدْخَل، للدخول، والموضِع الذي يُدخَل منه، إِلا أحد عشر حرفاً جاءت مكسورة إِذا أريد بها المواضع، وهي: المَطْلِع، والمَسْكِن، والمَنْسِك، والمَشْرِق، والمَغرِب، والمَسْجِد، والمَنْبِت، والمَجْزِر، والمَفْرِق، والمَسْقِط، والمَهْبِل، الموضع الذي تضع فيه الناقة وخمسة من هؤلاء الأحد عشر حرفاً سُمع فيهن الكسر والفتح: المَطْلِع، والمَطْلَع. والمَنْسِك، والمَنْسَك. والمَجْزِر، والمَجْزَر. والمَسْكِن، والمَسْكَن. والمَنْبِت، والمَنْبَت فقرأ الحسن على الأصل من احتمال المَفْعل الوجهين الموصوفين، بفتح العين وكسرها وقراءة العامة على اختيار العرب وما كثر على ألسنتها، وخصت المَوْضِع بالكسر، وآثرت المصدر بالفتح. قال أبو عمرو: المطلِع، بالكسر: الموضع الذي تطلع فيه والمطلَع، بالفتح: الطُّلوع قال ابن الأنباري: هذا هو الأصل، ثم إِن العرب تتسع فتجعل الاسم نائباً عن المصدر، فيقرؤون: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «٤» بالكسر وهم يعنون الطُّلوع ويقرأ من قرأ مَطْلِعَ الشَّمْسِ بالفتح على أنه موضع بمنزلة المدخل الذي هو اسم للموضع الذي يدخل منه.


(١) سورة الحاقة: ٥١.
(٢) سورة البينة: ٥.
(٣) سورة النحل: ٣٠. [.....]
(٤) سورة القدر: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>