أو إن كانا في وقتين، أيهما المتقدم وأيهما المتأخر. فلما وصفنا قلنا إن قوله: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ لا يصح تأويله إلا على ما ذكرنا. وقد وجه بعض من ضعفت معرفته بكلام العرب كذلك إلى أنه من المؤخر الذي معناه التقديم، وزعم أن معنى ذلك: ولقد خلقناكم، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم، ثم صورناكم، وذلك غير جائز في كلام العرب، لأنها لا تدخل «ثم» في الكلام وهي مراد بها التقديم على ما قبلها من الخبر، وإن كانوا قد يقدمونها في الكلام، إذا كان فيه دليل على أن معناها التأخير وذلك كقولهم: «قام عبد الله ثم عمرو» . فأما إذا قيل: «قام عبد الله ثم قعد عمرو» فغير جائز أن يكون قعود عمرو كان إلا بعد قيام عبد الله إذا كان الخبر صادقا، فقوله تبارك. وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا نظير قول القائل: «قام عبد الله ثم قعد عمرو» . في أنه غير جائز أن يكون أمر الله الملائكة بالسجود لآدم كان إلا بعد الخلق والتصوير لما وصفنا قبل. ا. هـ.