للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤٧ الى ٥٨]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)

قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦)

لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)

قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال: أحدها: في اليهود، قاله الحسن. والثاني: في الزنادقة، قاله قتادة.

(١١٩٩) والثالث: في مشركي قريش، قاله مقاتل وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة: أنفقوا على المساكين النصيب الذي زعمتم أنه لله من الحرث والأنعام، فقالوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ.

(١٢٠٠) وقال ابن السائب: كان العاص بن وائل إذا سأله المسكين، قال: اذهب إلى ربِّك فهو أولى بك مني ويقول: قد منعه الله، أُطعمه أنا؟! ومعنى الكلام أنهم قالوا: لو أراد اللهُ أن يرزقهم لرزقهم، فنحن نوافق مشيئة الله فيهم فلا نُطْعِمهم وهذا خطأٌ منهم، لأن الله تعالى أغنى بعض الخلق وأفقر بعضاً، ليبلوَ الغنيَّ بالفقير فيما فرض له في ماله من الزكاة، والمؤمن لا يعترض على المشيئة، وإنما يوافق الأمر. وقيل: إنما قالوا هذا على سبيل الاستهزاء. وفي قوله تعالى: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قولان: أحدهما: أنه من قول الكفار للمؤمنين، يعنون: إِنكم في خطأٍ من اتِّباع محمد. والثاني: أنه من قول الله للكفار لما ردُّوه من جواب المؤمنين.

قوله تعالى: مَتى هذَا الْوَعْدُ يعنون القيامة والمعنى: متى إنجاز هذا الوعد إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ يعنون محمدا وأصحابه. ما يَنْظُرُونَ أي: ما ينتظرون إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً وهي النّفخة الأولى. ويَخِصِّمُونَ بمعنى يختصمون، فأدغمت التاء في الصاد، كذلك قرأ ابن كثير، وأبو عمرو:

«يَخَصِّمُونَ» بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد. وروي عن ابن عمرو اختلاس حركة الخاء. وقرأ عاصم وابن عامر والكسائي «يَخْصِّمُونَ» بفتح الياء وكسر الخاء. وعن عاصم كسر الياء والخاء. وقرأ نافع بسكون الخاء وتشديد الصاد. وقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد، أي: يَخْصِمُ بعضهم بعضاً.

وقرأ أُبيٌّ بن كعب: «يختصمون» بزيادة تاء والمعنى أن الساعة تأتيهم أَغفلَ ما كانوا عنها وهم يتشاغلون في متصرَّفاتهم وبيعهم وشرائهم، فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً قال مقاتل: أعجلوا عن الوصيّة


عزاه المصنف لمقاتل، وهو متروك متهم.
عزاه المصنف لابن السائب الكلبي، وهو متروك متهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>