للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقولوا، ومثله: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ «١» . وفي قوله تعالى: إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا قولان: أحدهما: أنه إشارة إلى الميثاق والإقرار. والثاني: أنه إشارة إلى معرفة أنه الخالق. قال المفسرون: وهذه الآية تذكير من الله تعالى بما أخذ على جميع المكلَّفين من الميثاق، واحتجاج عليهم لئلا يقول الكفار: إنا كنّا عن هذا الميثاق غافلين لم نذكره، ونسيانهم لا يُسقط الاحتجاج بعد أن أخبر الله تعالى بذلك على لسان النبيّ صلّى الله عليه وسلم الصادق. وإذا ثبت هذا بقول الصادق، قام في النفوس مقام الذِّكر، فالاحتجاج به قائم.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٧٣]]

أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)

قوله تعالى: أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ فاتبَّعنا منهاجهم على جهلٍ منَّا بآلهيتك أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ في دعواهم أن معك إلهاً، فقطع الله احتجاجهم بمثل هذا، إذ أذكرهم أخذ الميثاق على كل واحد منهم. وجماعة أهل العلم على ما شرحنا من أنه استنطق الذر، وركَّب فيهم عقولاً وأفهاماً عرفوا بها ما عرض عليهم. وقد ذكر بعضهم أن معنى أخذ الذرية: إخراجهم إلى الدنيا بعد كونهم نطفاً، ومعنى إشهادهم على أنفسهم: اضطرارهم إلى العلم بأنه خالقهم بما أظهر لهم من الآيات والبراهين. ولما عرفوا ذلك ودعاهم كلُّ ما يرون ويشاهدون إلى التصديق، كانوا بمنزلة الشاهدين والمشهِدين على أنفسهم بصحته، كما قال: شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ «٢» يريدهم بمنزلة الشاهدين، وإن لم يقولوا: نحن كفرة، كما يقول الرجل: قد شهدتْ جوارحي بصدقك، أي: قد عرفْته. ومن هذا الباب قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ «٣» أي: بيَّن وأعلم وقد حكى نحو هذا القول ابن الأنباري، والأول أصح، لموافقة الآثار.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٧٤]]

وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤)

قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ أي: وكما بينَّا في أخذ الميثاق الآيات، ليتدبَّرها العباد فيعملوا بموجبها وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي: ولكي يرجعوا عمَّا هم عليه من الكفر إلى التوحيد.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٧٥]]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥)

قوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ قال الزجاج: هذا نسق على ما قبله، والمعنى: أتل عليهم إذ أخذ ربك، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا وفيه ستة أقوال «٤» :

(٥٩١) أحدها: أنَّه رجل من بني إِسرائيل يقال له: بلعم بن أبر، قاله ابن مسعود. وقال ابن


ورد عن جماعة من الصحابة والتابعين. فقد أخرجه الطبري ١٥٣٩٢- ١٥٣٩٦ و ١٥٣٩٩ من طرق عن ابن مسعود وأخرجه برقم ١٥٣٩٨ و ١٥٤٠١ عن ابن عباس. وأخرجه برقم ١٥٤٠٣ و ١٥٤٠٤ عن مجاهد.
وأخرجه ١٥٤٠٨ عن عكرمة، وله شواهد. وهذا القول هو أرجح الأقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>