للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ قال مقاتل: نزلت في مشركي العرب الذين قالوا:

الملائكة بنات الرحمن. وقال أبو عبيدة: ومعنى أَفَأَصْفاكُمْ: اختصكم. وقال المفضل: أخلصكم.

وقال الزجاج: اختار لكم صفوة الشيء، وهذا توبيخ للكفار، والمعنى: اختار لكم البنين دونه، وجعل البنات مشتركة بينكم وبينه، فاختصكم بالأعلى وجعل لنفسه الأدون؟!

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٤١]]

وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١)

قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا معنى التّصريف ها هنا: التبيين، وذلك أنه إِنما يصرِّف القول ليبيِّن.

وقال ابن قتيبة: «صرّفنا» بمعنى: وجَّهنا، وهو من قولك: صرفت إِليك كذا، أي: عدلت به إِليك، وشُدِّدَ للتكثير، كما تقول: فَتَّحْتُ الأبواب. قوله تعالى: لِيَذَّكَّرُوا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم وابن عامر: «لِيَذَّكَّروا» مشدّدا. وقرأ حمزة، والكسائيّ، وخلف: «ليذكروا» مخفّفا، وكذلك قرءوا في الفرقان «١» : والتذكُّر: الاتعاظ والتدبر. وَما يَزِيدُهُمْ تصريفنا وتذكيرنا إِلَّا نُفُوراً قال ابن عباس: ينفرون من الحقّ، ويتّبعون الباطل.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]

قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤)

قوله تعالى: قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «تقولون» بالتاء. وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم: «يقولون» بالياء.

قوله تعالى: إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا فيه قولان: أحدهما: لابتَغَوا سبيلاً إِلى ممانعته وإِزالة ملكه، قاله الحسن، وسعيد بن جبير. والثاني: لابتَغَوا سبيلاً إِلى رضاه، لأنهم دونه، قاله قتادة.

قوله تعالى: عَمَّا يَقُولُونَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر، وحفص عن عاصم: «يقولون» بالياء. وقرأ حمزة، والكسائي: بالتاء..

قوله تعالى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم:

«تسبِّح» بالتاء. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «يسبِّح» بالياء. قال الفراء:

وإِنما حَسُنَت «الياء» ها هنا، لأنه عدد قليل، وإِذا قلَّ العدد من المؤنَّث والمذكَّر، كانت الياء فيه أحسن من التاء، قال عزّ وجلّ في المؤنّث القليل: وَقالَ نِسْوَةٌ «٢» وقال في المذكَّر: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ «٣» . قال العلماء: والمراد بهذا التسبيح: الدلالة على أنه الخالق القادر. قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَإِنْ بمعنى «ما» . وهل هذا على إِطلاقه، أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنه على إِطلاقه، فكلُّ شيء يسبِّحُهُ حتى الثوب والطعام وصرير الباب، قاله إِبراهيم النخعي. والثاني: أنه عامّ يراد به الخاصّ. ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كل شيء فيه الروح، قاله الحسن، وقتادة والضحاك.

والثاني: أنه كُلُّ ذي روح، وكل نامٍ من شجرٍ أو نبات، قال عكرمة: الشّجرة تسبّح، والأسطوانة لا


(١) سورة الفرقان: ٥٠.
(٢) سورة يوسف: ٣٠.
(٣) سورة التوبة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>