[[سورة الحجر (١٥) : آية ٩]]
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)
قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، من عادة الملوك إِذا فعلوا شيئاً، قال أحدهم: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملِك في خطابه، وإِنِ انفرد بفعل الشيء، فخوطبت العرب بما تعقل من كلامها. والذِّكْر: القرآن، في قول جميع المفسرين. وفي هاء «له» قولان: أحدهما: أنها ترجع إِلى الذِّكْر، قاله الأكثرون. قال قتادة: أنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إِبليس أن يزيد فيه باطلا، ولا ينقص منه حقاً. والثاني: أنها ترجع إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من الشياطين والأعداء، لقولهم: «إِنك لمجنون» ، هذا قول ابن السائب، ومقاتل.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ١٠]]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠)
قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يعني: رسلاً، فحُذف المفعولُ، لدلالة الإِرسال عليه.
والشِّيَع: الفِرَق، وحكي عن الفراء أنه قال: الشيعة: الأمَّة المتابعة بعضها بعضاً فيما يجتمعون عليه من أمر.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ١١]]
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١)
قوله تعالى: وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ هذا تعزية للنبيّ صلى الله عليه وسلم، والمعنى: إِنَّ كل نبيٍّ قبلك كان مبتلىً بقومه كما ابتليت.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٢ الى ١٣]
كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣)
قوله تعالى: كَذلِكَ نَسْلُكُهُ في المشار إِليه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الشِّرك، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد. والثاني: أنه الاستهزاء، قاله قتادة. والثالث: التكذيب، قاله ابن جريج، والفرّاء.
ومعنى الآية: كما سلكنا الكفر في قلوب شِيَع الأولين، نُدخل في قلوب هؤلاء التكذيبَ فلا يؤمنوا. ثم أخبر عن هؤلاء المشركين، فقال تعالى: لا يُؤْمِنُونَ بِهِ. وفي المشار إِليه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الرسول. والثاني: القرآن. والثالث: العذاب.
قوله تعالى: وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ فيه قولان: أحدهما: مضت سُنَّة الله في إِهلاك المكذِّبين.
والثاني: مضت سنّتهم بتكذيب الأنبياء.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٤ الى ١٥]
وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)
قوله تعالى: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ يعني: كفار مكة فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ أي:
يصعدون، يقال: ظل يفعل كذا: إِذا فعله بالنهار. وفي المشار إِليهم بهذا الصعود قولان: أحدهما:
أنهم الملائكة، قاله ابن عباس، والضحاك، فالمعنى: لو كُشف عن أبصار هؤلاء فرأوا باباً مفتوحاً في السماء والملائكة تصعد فيه، لما آمنوا به. والثاني: أنهم المشركون، قاله الحسن، وقتادة، فيكون المعنى: لو وصَّلناهم إِلى صعود السماء لم يستشعروا إِلا الكفر، لعنادهم.