للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنها بشارة الملائكة لهم عند الموت، قاله الضحاك، وقتادة، والزهري.

والثالث: أنها ما بشّر الله عزّ وجلّ به في كتابه من جنته وثوابه، كقوله: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا «١» ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ «٢» ، يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ «٣» ، وهذا قول الحسن، واختاره الفرّاء، والزّجّاج، واستدلال بقوله: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ

. قال ابن عباس: لا خُلف لمواعيده، وذلك أن مواعيده بكلماته، فإذا لم تبدَّل الكلمات، لم تبدَّل المواعيد.

فأما بشراهم في الآخرة، ففيها ثلاثة أقوال:

(٧٨٥) أحدها: أنها الجنة، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، واختارة ابن قتيبة.

والثاني: أنه عند خروج الروح تبشَّر برضوان الله، قاله ابن عباس.

والثالث: أنها عند الخروج من قبورهم، قاله مقاتل.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٦٥]]

وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥)

قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ قال ابن عباس: تكذيبهم. وقال غيره: تظاهرهم عليك بالعداوة وإِنكارهم وأذاهم. وتم الكلام هاهنا. ثم ابتدأ فقال: إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً أي: الغلبة له، فهو ناصرك وناصر دينك، هُوَ السَّمِيعُ لقولهم: الْعَلِيمُ بإضمارهم، فيجازيهم على ذلك.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٦٦]]

أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦)

قوله تعالى: أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ قال الزجاج: أَلا افتتاح كلام وتنبيه، أي: فالذي هم له، يفعل فيهم وبهم ما يشاء. قوله تعالى: وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ أي: ما يتبعون شركاء على الحقيقة، لأنهم يعدُّونها شركاء لله شفعاء لهم، وليست على ما يظنون. إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ في ذلك وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ قال ابن عباس: يكذبون.

وقال ابن قتيبة: يحدسون ويحزرون.


الرجل المصري ثم ذكر حديث أبي هريرة، وعزاه للطبري وجوده ونسبه لمسلم أيضا! والصواب أن مسلما ما رواه بمثل حديث أبي الدرداء. وإنما أخرجه ٢٢٦٣ من حديث أبي هريرة بلفظ «إذا اقترب الزمان، لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المؤمن جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة، والرؤيا ثلاثة، والرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين» . فهذا لفظ مسلم، ليس فيه ذكر الآية، ولا استغراق الرؤيا الصالحة لجنس البشرى كما في الأحاديث المتقدمة، فتنبه، والله الموفق. فالحديث غريب من جهة المتن، حسن من جهة الإسناد باعتبار طرقه وشواهده، والله أعلم بالصواب، وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١٢٤٥ بتخريجنا.
أخرجه الطبري ١٧٧٤٣ وفي إسناده عمار بن محمد، وهو لين الحديث، وانظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>