للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ في الدُّنيا وَأَحْيا للبعث. وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ أي: الصِّنفين الذَّكَرَ وَالْأُنْثى من جميع الحيوانات، مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى فيه قولان: أحدهما: إذا تُراق في الرَّحِم، قاله ابن السائب. والثاني: إذا تُخْلق وتُقَدَّر. وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى وهي الخَلْق الثاني للبعث يوم القيامة.

وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى فيه أربعة أقوال: أحدها: أغنى بالكفاية، قاله ابن عباس. والثاني: بالمعيشة، قاله الضحاك. والثالث: بالأموال، قاله أبو صالح. والرابع: بالقناعة، قاله سفيان. وفي قوله: وَأَقْنى ثلاثة أقوال: أحدها: أرْضى بما أعطى، قاله ابن عباس. والثاني: أخْدم، قاله الحسن، وقتادة. وعن مجاهد كالقولين. والثالث: جعل للإنسان قِنْيَةً، وهو أصل مال. قاله أبو عبيدة. قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى قال ابن قتيبة: هو الكوكب الذي يطْلُع بعد الجَوْزاء، وكان ناس من العرب يعبُدونها.

قوله تعالى: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى قرأ ابن كثير، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي:

«عاداً الأولى» منوَّنة. وقرأ نافع، وأبو عمرو: «عاداً لُولى» موصولة مدغمة. ثم فيهم قولان: أحدهما:

أنهم قوم هود، وكان لهم عقب فكانوا عاداً الأخرى، هذا قول الجمهور. والثاني: أن قوم هود هم عادٌ الأخرى، وهم من أولاد عادٍ الأولى، قاله كعب الأحبار، وقال الزجاج: وفي «الأولى» لغات، أجودها سكون اللام وإثبات الهمزة، والتي تليها في الجودة ضم اللام وطرح الهمزة، ومن العرب من يقول:

لُولى، يريد: الأُولى، فتطرح الهمزة لتحرّك اللاّم.

قوله تعالى: وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ أي: مِن قَبْل عادٍ وثمودَ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى من غيرهم، لطول دعوة نوح إيّاهم، وعتوّهم. وَالْمُؤْتَفِكَةَ قُرى قوم لوط أَهْوى أي: أسقط، وكان الذي تولَّى ذلك جبريل بعد أن رفعها، وأتبعهم اللهُ بالحجارة، فذلك قوله: فَغَشَّاها أي: ألبسها ما غَشَّى يعني الحجارة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى هذا خطاب للإنسان، لمّا عدَّد اللهُ ما فعله ممّا يَدلُّ على وحدانيَّته قال:

فبأيِّ نِعم ربِّك التي تدُلُّ على وحدانيَّته تتشكَّك؟ وقال ابن عباس: فبأي آلاءِ ربِّك تكذِّب يا وليد، يعني الوليد ابن المغيرة.

[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٥٦ الى ٦٢]

هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠)

وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)

قوله تعالى: هذا نَذِيرٌ فيه قولان: أحدهما: أنه القرآن، نذيرٌ بما أنذرتْ الكتبُ المتقدِّمة، قاله قتادة. والثاني: أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، نذيرٌ بما أنذرتْ به الأنبياءُ، قاله ابن جريج.

قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي: دَنَت القيامة، لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ فيه قولان: أحدهما:

إذا غَشِيَت الخَلْقَ شدائدُها وأهوالُها لمْ يَكْشِفها أحد ولم يرُدَّها، قاله عطاء، وقتادة، والضحاك.

والثاني: ليس لعِلْمها كاشف دونَ الله، أي: لا يَعلم عِلْمها إلاّ الله، قاله الفراء، قال: وتأنيث «كاشفة» كقوله: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ «١» يريد: مِن بقاءٍ والعافية والباقية والناهية كُلُّه في معنى المصدر.

وقال غيره: تأنيث «كاشفة» على تقدير: «نفس كاشفة» .


(١) الحاقة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>