للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ هو يوم بدر، فُرق فيه بين الحق والباطل بنصر المؤمنين. والذي أُنزل عليه يومئذ قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ نزلت حين اختلفوا فيها.

فالمعنى: إن كنتم آمنتم بذلك، فاصدروا عن أمر الرسول في هذا أيضا.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٢]]

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢)

قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «بالعِدوة» و «العِدوة» العين فيهما مكسورة. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بضم العين فيهما. قال الأخفش: لم يُسمع من العرب إلا الكسر. وقال ثعلب: بل الضم أكثر اللغتين. قال ابن السِّكّيت:

عُدوة الوادي وعِدوته: جانبه والجمع: عُدىً وعِدىً. والدنيا: تأنيث الأدنى وضدها: القصوى وهي تأنيث الأقصى وما كان من النعوت على «فُعلى» من ذوات الواو، فان العرب تحوِّلُه إلى الياء، نحو: الدنيا، من: دنوت والعليا، من: علوت لأنهم يستثقلون الواو مع ضم الأول، وليس في هذا اختلاف، إلا أن أهل الحجاز قالوا: القُصوى، فأظهروا الواو، وهو نادر وغيرهم يقول: القصيا. قال المفسرون: إذ أنتم بشفير الوادي الأدنى من المدينة، وعدوّكم بشفيره الأقصى إلى مكة، وكان الجمعان قد نزلا وادي بدر على هذه الصفة، والركب: أبو سفيان وأصحابه. قال الزجاج: من نصب «أسفلَ» اراد: والركب مكانا أسفل منكم، ويجوز الرّفع على معنى: والرّكب أشدّ تسفّلا منكم. قال قتادة كان المسلمون أعلى الوادي، والمشركون أسفله.

وفي قوله: وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ قولان: أحدهما: لو تواعدتم، ثم بلغكم كثرتهم، لتأخَّرتم عن الميعاد، قاله ابن اسحاق. والثاني: لو تواعدتم على الاجتماع في المكان الذي اجتمعتم فيه من عِدوتي وادي بدر لاختلفتم في الميعاد، قاله أبو سليمان. وقال الماوردي: كانت تقع الزيادة والنقصان، أو التقدم والتأخر من غير قصد لذلك. قوله تعالى: وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وهو إعزاز الإسلام وإذلال الشرك.

قوله تعالى: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ. وروى خلف عن يحيى: «ليُهلَك» بضم الياء وفتح اللام. قوله تعالى: وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ قرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «من حيَّ» بياء واحدة مشددة، وهذه رواية حفص عن عاصم، وقنبل عن ابن كثير. وروى شِبْلٌ عن ابن كثير، وابو بكر عن عاصم: «حيِي» بياءين الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة، وهي قراءة نافع. فمن قرأ


من طريق آخر بأتم منه، قال الهيثمي في المجمع ٤/ ٣٣٤: ورجاله ثقات. وورد من حديث جابر عند عبد الرزاق ١٣٨٩٩ وإسناده ضعيف لضعف حرام بن عثمان، لكنه شاهد لما قبله. وله شاهد آخر من حديث أنس أخرجه البزار ١٣٠٢ و ١٣٧٦ وفيه يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف جدا قاله الهيثمي في المجمع ٤/ ٢٢٦. وأخرجه الطبراني في الكبير ٣٥٠٢ من حديث حنظلة، ورجاله ثقات كما في المجمع ٢٢٦٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>