للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكونُ لِمَا بعدها. وقال الزجاج: الأصل: تطيَّرنا، فأُدغمت التاء في الطاء، واجتُلبت الألفُ لسكون الطاء فاذا ابتدأتَ قلتَ: اطَّيَّرنا، وإِذا وصلتَ لم تذكر الألف وتسقط لأنها ألِف وصل، وإِنما تطيَّروا به، لأنهم قحطوا وجاعوا، ف قالَ لهم طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وقد شرحنا هذا المعنى في الأعراف.

وفي قوله تعالى: تُفْتَنُونَ ثلاثة أقوال: أحدها: تُختَبرون بالخير والشر، قاله ابن عباس. والثاني:

تُصرَفون عن دينكم، قاله الحسن. والثالث: تُبتلَوْن بالطاعة والمعصية، قاله قتادة.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٤٨ الى ٥٣]

وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢)

وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣)

قوله تعالى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ وهي الحِجْر التي نزلها صالح تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ يريد: في أرض الحِجْر، وفسادهم: كفرهم ومعاصيهم، وكانوا يسفكون الدِّماء ويَثِبون على الأموال والفروج، وهم الذين عملوا في قتل الناقة. وروي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح قالا: كان فسادهم كسر الدراهم والدنانير، قالُوا فيما بينهم تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي: احلفوا بالله لَنُبَيِّتَنَّهُ أي:

لنقتُلنَّ صالحاً (وأهلَه) ليلاً (ثم لَنَقولَنَّ) وقرأ حمزة، والكسائي: «لتُبَيِّتُنَّهُ وأهلَه ثم لَتَقولُنَّ» بالتاء فيهما.

وقرأ مجاهد، وأبو رجاء، وحميد بن قيس: «لَيُبَيِّتُنَّهُ» بياء وتاء مرفوعتين «ثم لَيَقُولُنَّ» بياء مفتوحة وقاف مرفوعة وواو ساكنة ولام مرفوعة لِوَلِيِّهِ أي: لوليِّ دمه إِنْ سألَنا عنه ما شَهِدْنا أي: ما حضرنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ قرأ الأكثرون بضم الميم وفتح اللام والمَهْلِك يجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإِهلاك، ويجوز أن يكون الموضع. وروى ابو بكر، وأبان عن عاصم: بفتح الميم واللام، يريد الهلاك يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ مَهْلَكاً. وروى عنه حفص، والمفضل: بفتح الميم وكسر اللام، وهو اسم المكان، على معنى: ما شهدنا موضع هلاكهم فهذا كان مكرهم، فجازاهم الله عليه فأهلكهم. وفي صفة إِهلاكهم أربعة أقوال: أحدها: أنهم أتَوا دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتْهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم، قاله ابن عباس. والثاني: رماهم الله بصخرة فقتلتهم، قاله قتادة. والثالث: أنهم دخلوا غاراً ينتظرون مجيء صالح، فبعث الله صخرة سدَّت باب الغار، قاله ابن زيد. والرابع: أنهم نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم، قاله مقاتل.

قوله تعالى: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «أنَّا دمَّرناهم» بفتح الألف. وقرأ الباقون بكسرها. فمن كسر استأنف، ومن فتح، فقال أبو علي: فيه وجهان: أحدهما: أن يكون بدلاً من عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ. والثاني: أن يكون محمولاً على مبتدإٍ مضمر، كأنه قال: هو أنَّا دمَّرناهم.

قوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً قال الزجاج: هي منصوبة على الحال المعنى: فانظر إلى بيوتهم خاوية.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٥٤ الى ٥٨]

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>