للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقل من يُميِّز وينظر ما كُنَّا من أهل النار فَسُحْقاً. وهو منصوب على المصدر، المعنى: أسحقهم الله سحقاً، أي: باعدهم الله من رحمته مباعدة، والسحيق: البعيد. وكذلك روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس «فسحقاً» أي: بُعْدَاً. وقال سعيد بن جبير، وأبو صالح: السُّحق: وادٍ في جهنّم يقال له:

سحق.

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٢ الى ١٥]

إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ قد شرحناه في سورة الأنبياء «١» لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَأَجْرٌ كَبِيرٌ وهو: الجنة. ثم عاد إلى خطاب الكفّار، فقال عزّ وجلّ: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ قال ابن عباس: نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فيخبره جبريل بما قالوا، فيقول بعضهم: أسروا قولكم حتى لا يسمع إله محمّد «٢» .

قوله عزّ وجلّ: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ أي: ألا يعلم ما في الصدور خالقها؟! واللَّطِيفُ مشروح في الأنعام «٣» والْخَبِيرُ في سورة البقرة «٤» .

قوله عزّ وجلّ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا أي: مُذَلَّلةً سَهْلَةَ لم يجعلها ممتنعة بالحُزُونَة والغِلَظ.

قوله عزّ وجلّ: فَامْشُوا فِي مَناكِبِها فيه ثلاثة أقوال: أحدها: طرقاتها، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد. والثاني: جبالها، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة، واختاره الزجاج، قال: لأن المعنى: سهل لكم السلوك فيها، فإذا أمكنكم السلوك في جبالها، فهو أبلغ في التذليل. والثالث: في جوانبها، قاله مقاتل، والفراء، وأبو عبيدة، واختاره ابن قتيبة، قال: ومنكبا الرّجل: جانباه.

قوله عزّ وجلّ: وَإِلَيْهِ النُّشُورُ أي: إليه تُبْعَثُون من قبوركم.

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٦ الى ١٩]

أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)

ثم خوف الكفار فقال: أَأَمِنْتُمْ قرأ ابن كثير: «وإليه النشور أأمنتم» وقرأ نافع، وأبو عمرو:


(١) الأنبياء: ٤٩.
(٢) عزاه المصنف لابن عباس، وكذا الواحدي في «الأسباب» ٨٣٥. ساقه بدون إسناد، وهو باطل، فإن سباق الآيات وسياقها يدل على أن المراد بالآية المؤمنون. [.....]
(٣) الأنعام: ١٠٣.
(٤) البقرة: ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>