وهي مدنية كلها بإجماعهم، وذكر المفسّرون أنّ جميعها نزل في بني النّضير. وكان ابن عباس يسمّي هذه السّورة «سورة بني النّضير» وهذه الإِشارة إِلى قصتهم.
(١٤١٤) ذكر أهل العِلْم بالتفسير والسّير: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج إلى مسجد قباء، ومعه نفر من أصحابه، فصلّى فيه، ثم أتى بني النّضير، فكلّمهم أن يعينوه في دية رجلين كان قد آمنهما، فقتلهما عمرو بن أميّة الضّمريّ وهو لا يعلم، فقالوا: نفعل، وهمّوا بالغدر به، وقال عمرو بن جحاش: أنا أظهر على البيت، فأطرح عليه صخرة، فقال سلّام بن مشكم: لا تفعلوا، والله ليخبرن بما هممتم به، وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخبر، فنهض سريعا، فتوجّه إلى المدينة، فلحقه أصحابه، فقالوا: قمت ولم نشعر؟! فقال: همّت يهود بالغدر، فأخبرني الله بذلك، فقمت، وبعث إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم محمّد بن مسلمة: أن اخرجوا من بلدتي، فلا تساكنوني، وقد هممتم بما هممتم به، وقد أجّلتكم عشرا. فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه، فمكثوا أياما يتجهّزون، فأرسل إليهم ابن أبيّ: لا تخرجوا، فإنّ معي ألفين من قومي وغيرهم، وتمدّكم قريظة، وحلفاؤكم من غطفان، وطمع حييّ فيما قال ابن أبيّ، فأرسل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنّا لا نخرج، فاصنع ما بدا لك، فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكبّر المسلمون لتكبيره، وقال:
حاربت يهود، ثم سار إليهم في أصحابه، فلمّا رأوه، قاموا على حصونهم معهم النّبل والحجارة، فاعتزلتهم قريظة، وخذلهم ابن أبيّ وحلفاؤهم من غطفان، وكان رئيسهم كعب بن الأشرف قد خرج إلى مكّة فعاقد المشركين على التظاهر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبر الله نبيّه بذلك، فبعث محمّد بن مسلمة فاغترّه فقتله، وحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقطع نخلهم، فقالوا: نحن نخرج عن بلادك، فأجلاهم عن المدينة، فمضى بعضهم إلى الشّام، وبعضهم إلى خيبر، وقبض أموالهم وسلاحهم، فوجد خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا.
فأمّا التفسير فقد ذكرنا فاتحة هذه السّورة في أوّل الحديد.
عزاه المصنف لأهل التفسير والسير، ولم أره بهذا اللفظ، والظاهر أنه ساقه بمعناه. وانظر «السيرة النبوية» ٣/ ١٥١ و «تفسير ابن كثير» ٤/ ٣٩١ و «الدر المنثور» ٦/ ٢٧٧ و «أسباب النزول» ٨٠٢.