للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ فيه قولان: أحدهما: وأنتم تعلمون أنَّها فاحشة. والثاني: بعضكم يُبْصِر بعضاً. قوله تعالى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ قال ابن عباس: تجهلون القيامة وعاقبة العِصيان. قوله تعالى: قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ أي: جعلناها بتقديرنا وقضائنا عليها من الباقين في العذاب. وقرأ أبو بكر عن عاصم: «قَدَرْنَاهَا» خفيفة، وهي في معنى المشدَّدة. وباقي القصة قد تقدّم تفسيره.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٥٩ الى ٦١]

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١)

قوله تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أُمِرَ أن يَحْمَد اللهَ على هلاك الأمم الكافرة، وقيل: على جميع نِعَمه، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى فيهم أربعة أقوال:

أحدها: الرسل، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وروى عنه عكرمة، قال: اصطفى إِبراهيم بالخُلَّة، وموسى بالكلام، ومحمداً بالرؤية. والثاني: أنهم أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلّم، رواه أبو مالك عن ابن عباس، وبه قال السدي. والثالث: أنهم الذين وحَّدوه وآمنوا به، رواه عطاء عن ابن عباس. والرابع:

أنه أمة محمّد صلى الله عليه وسلّم، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ قال أبو عبيدة: مجازه: أو ما تشركون، وهذا خطاب للمشركين والمعنى: آلله خير لمن عبده، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام: أنه لمَّا قصَّ عليهم قصص الأمم الخالية، أخبرهم أنَّه نجَّى عابديه، ولم تُغْنِ الأصنام عنهم. قوله تعالى: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ تقديره: أمّا يشركون خير، أمّن خلق السّموات وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ فأمَّا الحدائق، فقال ابن قتيبة: هي البساتين، واحدها: حديقة، سميت بذلك لأنه يُحْدَقُ عليها، أي: يُحْظَر، والبهجة: الحُسن.

قوله تعالى: ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أي: ما ينبغي لكم ذلك لأنكم لا تقدرون عليه. ثم قال مستفهماً مُنْكِراً عليهم: أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أي: ليس معه إِله بَلْ هُمْ يعني: كفار مكة قَوْمٌ يَعْدِلُونَ وقد شرحناه في فاتحة (الأنعام) . أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً أي: مُسْتَقَرّاً لا تَمِيد بأهلها وَجَعَلَ خِلالَها أي: فيما بينها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ أي: جبالاً ثوابتَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أي: مانعاً من قدرته بين العذْب والمِلْح ان يختلطا، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ قدر عظمة الله عزّ وجلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>