قوله تعالى: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ فيه قولان: أحدهما: وأنتم تعلمون أنَّها فاحشة. والثاني: بعضكم يُبْصِر بعضاً. قوله تعالى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ قال ابن عباس: تجهلون القيامة وعاقبة العِصيان. قوله تعالى: قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ أي: جعلناها بتقديرنا وقضائنا عليها من الباقين في العذاب. وقرأ أبو بكر عن عاصم:«قَدَرْنَاهَا» خفيفة، وهي في معنى المشدَّدة. وباقي القصة قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أُمِرَ أن يَحْمَد اللهَ على هلاك الأمم الكافرة، وقيل: على جميع نِعَمه، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى فيهم أربعة أقوال:
أحدها: الرسل، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وروى عنه عكرمة، قال: اصطفى إِبراهيم بالخُلَّة، وموسى بالكلام، ومحمداً بالرؤية. والثاني: أنهم أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلّم، رواه أبو مالك عن ابن عباس، وبه قال السدي. والثالث: أنهم الذين وحَّدوه وآمنوا به، رواه عطاء عن ابن عباس. والرابع:
أنه أمة محمّد صلى الله عليه وسلّم، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ قال أبو عبيدة: مجازه: أو ما تشركون، وهذا خطاب للمشركين والمعنى: آلله خير لمن عبده، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام: أنه لمَّا قصَّ عليهم قصص الأمم الخالية، أخبرهم أنَّه نجَّى عابديه، ولم تُغْنِ الأصنام عنهم. قوله تعالى: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ تقديره: أمّا يشركون خير، أمّن خلق السّموات وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ فأمَّا الحدائق، فقال ابن قتيبة: هي البساتين، واحدها: حديقة، سميت بذلك لأنه يُحْدَقُ عليها، أي: يُحْظَر، والبهجة: الحُسن.
قوله تعالى: ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أي: ما ينبغي لكم ذلك لأنكم لا تقدرون عليه. ثم قال مستفهماً مُنْكِراً عليهم: أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أي: ليس معه إِله بَلْ هُمْ يعني: كفار مكة قَوْمٌ يَعْدِلُونَ وقد شرحناه في فاتحة (الأنعام) . أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً أي: مُسْتَقَرّاً لا تَمِيد بأهلها وَجَعَلَ خِلالَها أي: فيما بينها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ أي: جبالاً ثوابتَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أي: مانعاً من قدرته بين العذْب والمِلْح ان يختلطا، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ قدر عظمة الله عزّ وجلّ.