للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذِّبوهم وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ» الآية.

[فصل:]

واختُلف في نسخ هذه الآية على قولين: أحدهما: أنها نُسخت بقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إلى قوله تعالى: وَهُمْ صاغِرُونَ «١» ، قاله قتادة والكلبي. والثاني: أنها ثابتة الحكم، وهو مذهب ابن زيد.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤٧ الى ٤٩]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (٤٩)

قوله تعالى: وَكَذلِكَ أي: وكما أنزلنا الكتاب عليهم أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يعني مؤمني أهل الكتاب وَمِنْ هؤُلاءِ يعني أهل مكة مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وهم الذين أسلموا وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ قال قتادة: إِنَّما يكون الجَحْد بعد المعرفة. قال مقاتل: وهم اليهود.

قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ قال أبو عبيدة: مجازه: ما كنت تقرأ قبله كتاباً، و «مِن» زائدة. فأما الهاء في «قَبْله» فهي عائدة إِلى القرآن. والمعنى: ما كنتَ قارئاً قبل الوحي ولا كاتباً، وهكذا كانت صفته في التوراة والإِنجيل أنَّه أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وهذا يدلّ على ان الذي جاء به، من عند الله تعالى. قوله تعالى: إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ أي: لو كنتَ قارئاً كاتباً لشكَّ اليهودُ فيكَ ولقالوا: ليست هذه صفته في كتابنا. والمُبْطِلون: الذين يأتون الباطل، وفيهم ها هنا قولان: أحدهما:

كفار قريش، قاله مجاهد. والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل.

قوله تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في المكنيِّ عنه قولان: أحدهما: أنه النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلّم، ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: أن المعنى: بل وجْدانُ أهل الكتاب في كتبهم أنّ محمّدا صلى الله عليه وسلّم لا يكتب ولا يقرأ، وأنه أُمِّيٌّ، آياتٌ بيِّنات في صدورهم، وهذا مذهب ابن عباس، والضحاك، وابن جريج.

والثاني: أن المعنى: بل محمّد عليه السلام ذو آيات بيِّنات في صدور الذين أوتوا العِلْم من أهل الكتاب، لأنَّهم يجدونه بنعته وصفته، قاله قتادة. والثاني: أنه القرآن، والذين أوتوا العلم: المؤمنون الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحملوه بعده. وإِنما أُعطي الحفظ هذه الأمة، وكان من قبلهم لا يقرءون كتابهم إِلاَّ نظراً، فاذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه سوى الأنبياء، وهذا قول الحسن. وفي المراد بالظالمين ها هنا قولان: أحدهما: المشركون، قاله ابن عباس. والثاني: كفّار اليهود، قاله مقاتل.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]

وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢)


(١) التوبة: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>