للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظُلْمة المَشيمة «١» ، قاله الجمهور، وابن زيد معهم. وقال أبو عبيدة: إِنها ظُلْمة صُلْب الأب، وظُلْمة بَطْن المرأة، وظُلْمة الرَّحِم.

قوله تعالى: فَأَنَّى تُصْرَفُونَ أي: من أين تُصْرَفون عن طريق الحقّ بعد هذا البيان؟!

[[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧]]

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)

قوله تعالى: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ أي: عن إِيمانكم وعبادتكم وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ فيه قولان: أحدهما: لا يرضاه للمؤمِنين، قاله ابن عباس. والثاني: لا يرضاه لأحَد وإِن وقع بإرادته، وفرقٌ بين الإِرادة والرِّضى، وقد أشرنا إِلى هذا في البقرة عند قوله: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ «٢» . وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ أي: يرضى ذلك الشُّكر لكم، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي: بما في القلوب.

[[سورة الزمر (٣٩) : آية ٨]]

وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨)

قوله تعالى: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهما: في عتبة ابن ربيعة، قاله عطاء. والثاني: في أبي حذيفة بن المغيرة، قاله مقاتل. والضُرُّ: البلاء والشِّدَّة. مُنِيباً إِلَيْهِ أي: راجعاً إليه من شِركه. ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ أي: أعطاه وملَّكه نِعْمَةً مِنْهُ بعد البلاء الذي أصابه، كالصِّحَّة بعد المرض، والغنى بعد الفقر نَسِيَ أي: ترك ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ، وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: نسي الدُّعاء الذي كان يتضرَّع به إلى الله تعالى. والثاني: نَسِيَ الضُّرَ الذي كان يدعو الله إٍلى كَشْفه. والثالث: نَسِيَ الله الذي كان يتضرَّع إِليه. قال الزجّاج: وقد تَدُلُّ «ما» على الله عزّ وجلّ، كقوله: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ. وقال الفراء: تَرَكَ ما كان يدعو إِليه. وقد سبق معنى الأنداد «٣» ومعنى لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «٤» . قوله تعالى: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ لفظُه لفظُ الأمر ومعناه التهديد، ومثله: فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «٥» .

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٩ الى ١٠]

أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩) قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)


(١) في «اللسان» : المشيمة: هي للمرأة التي فيها الولد، والجمع مشيم، وقال ابن الأعرابي: يقال لما يكون فيه الولد المشيمة، والكيس والحوران والقميص.
(٢) البقرة: ٢٠٥، وقال القرطبي رحمه الله في «الجامع» ١٥/ ٢٠٨: وهذا مذهب أهل السنة أن الله تعالى لا يرضى الكفر وإن أراده، فالله تعالى يريد الكفر من الكافر وبإرادته كفر لا يرضاه ولا يحبه، فهو يريد كون ما لا يرضاه، وقد أراد الله عز وجل خلق إبليس وهو لا يرضاه، فالإرادة غير الرضا.
(٣) البقرة: ٢٢.
(٤) الحج: ٩. [.....]
(٥) النحل: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>