قوله تعالى: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً، ذكر أهل التفسير أن نبي بني إسرائيل سأل الله أن يبعث لهم ملكاً، فأتى بعصا وقرن فيه دهن، وقيل له: إن صاحبكم الذي يكون ملكاً يكون طوله طول هذه العصا، ومتى دخل عليك رجل فنشق الدهن، فهو الملك، فادهن به رأسه، وملكه على بني إسرائيل فقاس القوم أنفسهم بالعصا، فلم يكونوا على مقدارها. قال عكرمة، والسدي: كان طالوت سقاءً يسقي على حمار له، فضلَّ حماره، فخرج يطلبه. وقال وهب: بل كان دباغاً يعمل الأدم، فضلّت حمر لأبيه فأرسله مع غلام له في طلبها، فمرا ببيت شمويل النبي فدخلا ليسألاه عن ضالتهما، فنشق الدهن، فقام شمويل، فقاس طالوت بالعصا، وكان على مقدارها، فدهنه، ثم قال له: أنت ملك بني إسرائيل، فقال طالوت: أما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل، وبيتي أدنى بيوتهم؟ قال: بلى، قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره، فكان كما قال.
قال الزجاج: طالوت، وجالوت، وداود تنصرف، لأنها أسماء أعجمية، وهي معارف، فاجتمع فيها التعريف والعجمة.
ومعنى قوله تعالى: أَنَّى يَكُونُ من أي جهة يكون له الملك علينا. قال ابن عباس: إنما قالوا ذلك لأنه كان في بني إسرائيل سبطان، في أحدهما النبوة، وفي الآخر الملك، فلم يكن هو من أحد السبطين. قال قتادة: كانت النبوة في سبط لاوي، والملك في سبط يهوذا.
قوله تعالى: وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ، أي: لم يؤت ما يتملّك به الملوك. قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ، أي: اختاره، وهو «افتعل» من الصّفوة. والبسطة: السّعة، قال ابن قتيبة: هو من قولك: بسطت الشيء: إِذا كان مجموعاً، ففتحته، ووسعته. قال ابن عباس: كان طالوت أعلم بني إسرائيل بالحرب، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه. وهل كانت هذه الزيادة قبل الملك، أم أحدثت له بعد؟ فيه قولان: أحدهما: قبل الملك، قاله وهب، والسدي. والثاني: بعد الملك، قاله ابن زيد. والمراد بتعظيم الجسم، فضل القوة، إذ العادة أن من كان أعظم جسماً، كان أكثر قوة. والواسع:
قوله تعالى: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ، الآية: العلامة، فمعناه: علامة تمليك الله إياه أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ وهذا من مجاز الكلام، لأن التابوت يؤتى به، ولا يأتي، ومثله: فَإِذا عَزَمَ