للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله قتادة، وهو ما يخرج من بين جلد الكافر ولحمه. وقال القرظي: هو غُسالة أهل النار، وذلك ما يسيل من فروج الزناة. وقال ابن قتيبة: المعنى: يُسقى الصديدَ مكانَ الماء، قال: ويجوز أن يكون على التشبيه، أي: ما يُسقَى ماءٌ كأنه صديد. قوله تعالى: يَتَجَرَّعُهُ والتجرع: تناول المشروب جُرعة جُرعة، لا في مرة واحدة، وذلك لشدة كراهته له، وإنما يكره على شربه. قوله تعالى: وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ قال الزجاج: لا يقدر على ابتلاعه، تقول: ساغ لي الشيء، وأسغته.

(٨٣٨) وروى أبو أُمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يُقرَّب إِليه فيكرهه، فإذا أُدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطَّع أمعاءه حتى يخرج من دبره» .

قوله تعالى: وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ أي: همُّ الموت وكربه وألمه مِنْ كُلِّ مَكانٍ وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: من كل شعرة في جسده، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال سفيان الثوري: من كل عِرْق. وقال ابن جريج: تتعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فتموت ولا ترجع إِلى مكانها فتجد راحة.

والثاني: من كل جهة، من فوقه وتحته وعن يمينه وشماله وخلفه وقُدَّامه، قاله ابن عباس أيضاً.

والثالث: أنها البلايا التي تصيب الكافر في النار سماها موتاً، قاله الأخفش. قوله تعالى: وَما هُوَ بِمَيِّتٍ أي: موتاً تنقطع معه الحياة. وَمِنْ وَرائِهِ أي: من بعد هذا العذاب. قال ابن السائب: من بعد الصديد عَذابٌ غَلِيظٌ. وقال إِبراهيم التيمي: بعد الخلود في النار. والغليظ: الشديد.

[[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٨]]

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)

قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ قال الفراء: أضاف المَثَل إِليهم، وإِنما المثل للأعمال، فالمعنى: مَثَل أعمال الذين كفروا. ومِثلُه: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ «١» أي: ترى وجوههم. وجعل العُصُوف تابعاً لليوم في إِعرابه، وإِنما العُصُوف للريح، وذلك جائز على جهتين:


حديث حسن، أو يقرب من الحسن بمجموع طرقه وشواهده، أخرجه الترمذي ٢٥٨٣ والنسائي في «التفسير» ٢٨٣، وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» ٣١٤، وأحمد ٥/ ٢٦٥ والحاكم ١/ ٣٥١، والطبري ٢٠٦٣٢، والبيهقي في «البعث» ٦٠٢، رووه من طرق عن ابن المبارك به، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي! وهو ضعيف لضعف ابن بسر. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وهكذا قال البخاري عن عبيد الله بن بسر، ولا نعرف عبيد الله بن بسر إلا في هذا الحديث. وله شاهد من حديث أبي سعيد، أخرجه أحمد ٣/ ٧٠، وابن حبان ٣٤٧٣، وإسناده ضعيف، لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم. وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البيهقي في «البعث ٥٧٩، وفيه دراج، لكن رواه عن غير أبي الهيثم، فالإسناد لا بأس به.
الخلاصة: هذا الحديث بشواهده يصير حسنا، أو قريبا من الحسن، والآية تشهد لبعضه، وهناك آيات تشهد لبعضه الآخر، والحديث في الترهيب، ومذهب ابن المبارك وأحمد وغيرهما التساهل في هذا الباب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>