للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٢٤ الى ٢٥]

وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)

قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ يقال: استقدم الرجل، بمعنى: تقدم، واستأخر، بمعنى:

تأخر، وفي سبب نزولها قولان:

(٨٤٥) أحدهما: أن امرأةً حسناءَ كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بعضهم يستقدم حتى


باطل. أخرجه الترمذي ٣١٢٢، والنسائي في «الكبرى» ١١٢٢٧٣، و «التفسير» ٢٩٣ وابن ماجة ١٠٤٦، والطيالسي ٢٧١٢، وأحمد ١/ ٣٠٥، وابن حبان ٤٠١، والحاكم ٢/ ٣٥٣ والطبراني ١٢/ ١٧١، والطبري ٢١١٣٦ و ٢١١٣٧، والبيهقي من طرق عن نوح بن قيس عن عمر بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به. قال الترمذي: روى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمر بن مالك النكري عن أبي الجوزاء نحوه، ولم يذكر فيه عن ابن عباس، وهو أشبه أن يكون أصح من حديث نوح. وقال الحاكم: صحيح. وقال عمرو بن علي- الفلاس-: لم يتكلم أحد في نوح بن قيس الطاحي بحجة. وقال الذهبي: هو صدوق خرّج له مسلم. وقال الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على المسند» : ٢/ ٢٧٨: إسناده صحيح. وجعله الألباني في «صحيح السنن» و «الصحيحة» ٢٤٧٢. وليس كما قالوا والصواب أنه غير صحيح، وهو معلول بالإرسال، وبأنه ورد عن ابن عباس خلافه.
- فقد أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ١٤٤٥ والطبري ٢١١٣٥ عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: المستقدمين منكم في الصفوف في الصلاة والمستأخرين. وجعفر بن سليمان من رجال مسلم. ونوح بن قيس، وإن روى له مسلم، ووثقه أحمد ويحيى، فقد ضعّفه يحيى في رواية. وقال النسائي:
لا بأس به، وقال الذهبي: بصري صالح الحال اه. فليس هو بالثبت. وقد خالفه غيره، فرواه من قول أبي الجوزاء، وبدون القصة. وقال ابن كثير رحمه الله ٢/ ٦٧٨- ٦٧٩: غريب جدا، وفيه نكارة شديدة. ورواه عبد الرزاق عن أبي الجوزاء ليس فيه ذكر ابن عباس، وصوّب الترمذي الإرسال. فهذه علّة للحديث. وله علّة أخرى، وهي: أنه ورد عن ابن عباس «يعني بالمستقدمين من مات، وبالمستأخرين من هو حيّ ولم يمت» .
وهذا أخرجه الطبري ٢١١٢١ لكن فيه عطية العوفي، وهو ضعيف وكرره ٢١١١٨ عن قتادة عن ابن عباس، وهو منقطع، لكن يصلح للمتابعة. وورد مثله عن الشعبي وابن زيد وغيرهم. وورد عن مجاهد «المستقدمين» أي القرون الأول، والمستأخرين: أمة محمد صلى الله عليه وسلم اه. وهذا أخرجه عبد الرزاق ١٤٤٧ والطبري ٢١١٢٧ و ٢١١٢٨ و ٢١١٢٩ و ٢١١٣٠ وأسند عبد الرزاق ١٤٤٦ عن عكرمة: أن المراد بالمستقدمين ما خرج من الخلق، وبالمستأخرين ما بقي في الأصلاب لم يخرج بعد. ومجاهد وعكرمة من أجلّة أصحاب ابن عباس، ولم يذكرا أن المراد بذلك صفوف الصلاة، فلو صح هذا الحديث عند شيخهم ابن عباس لروياه عنه، ولفسّرا الآية الكريمة به. وقال الطبري رحمه الله بعد أن ذكر هذه الأقوال جميعا: وأولى الأقوال عندي قول من قال:
معنى ذلك: ولقد علمنا الأموات منكم يا بني آدم فتقدم موته، ولقد علمنا المستأخرين الذين استأخر موتهم ممن هو حي، ومن هو حادث منكم ممن لم يحدث بعد لدلالة ما قبله من الكلام وهو قوله وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ وما بعده وهو قوله وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ. ومما يدل على وهن الخبر ونكارته:
وهو أنهم أجمعوا على أن السورة مكية، نقل الإجماع القرطبي، ووافقه الشوكاني وغيره. ثم إن الآية المتقدمة، والآية الآتية فيهما قرينة ترجيح أن المراد بالمستقدمين من مات، وبالمستأخرين من هو على قيد الحياة، ولم يولد بعد. وبهذا يتبين وهن الحديث ونكارته كما ذهب إليه الحافظ الناقد ابن كثير رحمه الله خلافا لمن صححه اعتمادا منه على ظاهر إسناده من غير تأمل لما جاء في تفسير هذه الآية، وبأنها مكية لا مدنية والله الموفق. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٣٤١، وأحكام القرآن لابن العربي ١٣١٦، وهما بتخريجنا، ولله الحمد والمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>