للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثبت المسلمون، ونصرهم الله على المشركين، ووقع في نفوس المسلمين من القتال في الشهر الحرام، فنزلت هذه الآية، وقال: إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ عنهم غَفُورٌ لقتالهم في الشهر الحرام «١» .

قوله تعالى: ذلِكَ أي: ذلك النصر بِأَنَّ اللَّهَ القادر على ما يشاء، فمن قُدرته أنه يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لدعاء المؤمنين بَصِيرٌ بهم حيث جعل فيهم الإِيمان والتقوى، ذلِكَ الذي فعل من نصر المؤمنين بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ أي: هو الإِله الحق وَأَنَّ ما يَدْعُونَ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «يدعون» بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: بالتاء، والمعنى: وأنَّ ما يعبدون مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٤]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤)

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً يعني: المطر فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً بالنبات. وحكى الزجاج عن الخليل أنه قال: معنى الكلام التنبيه، كأنه قال: أتسمع، أنزل الله من السماء ماءً فكان كذا وكذا. وقال ثعلب: معنى الآية عند الفراء خبر، كأنه قال: اعلم أن الله ينزِّل من السماء ماءً فتصبح، ولو كان استفهاماً والفاء شرطاً لنصبه.

قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ أي: باستخراج النبات من الأرض رزقاً لعباده خَبِيرٌ بما في قلوبهم عند تأخير المطر. وقد سبق معنى الغني الحميد في سورة البقرة «٢» .

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦)

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ يريد البهائم التي تركب وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ قال الزجاج: كراهة أن تقع. وقال غيره: لئلّا تقع إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ فيما سخَّر لهم وفيما حبس عنهم من وقوع السماء عليهم. وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ بعد أن كنتم نطفاً ميتة ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند آجالكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للبعث والحساب إِنَّ الْإِنْسانَ يعني: المشرك لَكَفُورٌ لِنعَم الله إِذ لم يوحده.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٧ الى ٧٠]

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)


(١) واه بمرة. أخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٤/ ٦٦٥ عن مقاتل مرسلا. ومقاتل واه.
(٢) سورة البقرة: ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>