للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس «١» . والثالث: نزلت في طوافهم بالبيت عراة، قاله طاوس وعطاء.

وفي زينة الله قولان: أحدهما: أنها ستر العورة فالمعنى: من حرم أن تلبسوا في طوافكم ما يستركم؟ والثاني: أنها زينة اللباس. وفي الطيبات قولان: أحدهما: أنها الحلال. والثاني: المستلذ. ثم في ما عني بها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها البحائر، والسوائب، والوصائل، والحوامي التي حرَّموها، قاله ابن عباس، وقتادة. والثاني: أنها السَّمْنْ، والألبان، واللحم، وكانوا حرَّموه في الإحرام، قاله ابن زيد.

والثالث: الحرث، والأنعام، والألبان، قاله مقاتل.

قوله تعالى: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً قال ابن الانباري: «خالصة» نصب على الحال من لام مضمرة، تقديرها: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة، وهي لهم في الآخرة خالصة، فحذفت اللام لوضوح معناها، كما تحذف العرب أشياء لا يُلبِس سقوطها. قال الشاعر:

تَقُوْلُ ابْنَتِي لَمّا رَأتْنيَ شَاحِبَاً ... كأنَّكَ يحميك الطّعام طبيب

تتابع أحداث تخرّمن أخوتي ... فشيَّبن رَأْسي، والخُطُوُبُ تُشِيْبُ

أراد: فقلت لها: الذي اكسبني ما ترين، تتابع أحداث، فحذف لانكشاف المعنى: قال المفسرون: إن المشركين شاركوا المؤمنين في الطيبات، فأكلوا ولبسوا ونكحوا، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للمؤمنين، وليس للمشركين منها شيء. وقيل: خالصة لهم من ضرر أو إِثم. وقرأ نافع:

«خالصةٌ» بالرفع. قال الزجاج: ورفعُها على أنه خبر بعد خبر، كما تقول: زيد عاقل لبيب والمعنى:

قل هي ثابتة للذين آمنوا في الدنيا، خالصةٌ يوم القيامة.

قوله تعالى: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ أي: هكذا نبّينها.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٣٣]]

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣)

قوله تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ قرأ حمزة: «ربي» باسكان الياء. ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ فيه ستة أقوال: أحدها: أن المراد بها الزنا، ما ظهر منه: علانيته، وما بطن: سرُّه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير. والثاني: أن ما ظهر: نكاح الأمهات، وما بطن: الزنا، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال علي بن الحسين. والثالث: أن ما ظهر: نكاح الأبناء نساء الآباء، والجمع بين الأختين، وأن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، وما بطن: الزنا، روي عن ابن عباس أيضا. والرابع: أن ما ظهر: الزنا، وما بطن: العزل، قاله شريح. والخامس: أن ما ظهر: طواف الجاهلية عراة، وما بطن: الزنا، قاله مجاهد. والسادس: أنه عامٌّ في جميع المعاصي. ثم في «ما ظهر منها وما بطن» قولان: أحدهما: أن الظاهر: العلانية، والباطن: السر، قاله أبو سليمان الدمشقي.

والثاني: أن ما ظهر: أفعال الجوارح، والباطن: اعتقاد القلوب، قاله الماوردي. وفي الإثم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الذنب الذي لا يوجب الحدَّ، قاله ابن عباس والضحاك، والفرَّاء. والثاني: المعاصي


(١) أخرجه الطبري ١٤٥٤٥ عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وفيه إرسال بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>