كلاهما حسن، لأن كل واحد من الاسمين اسم «ليس» وخبرها، معرفة، فاذا اجتمعا في التعريف تكافآ في كون أحدهما اسماً، والآخر خبراً، كما تتكافأ النكرتان.
وفي المراد بالبر ثلاثة أقوال: أحدها: الإيمان. والثاني: التقوى. والثالث: العمل الذي يقرب إلى الله. قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، فيه قولان: أحدهما: أن معناه: ولكن البرّ برّ من آمن بالله. والثاني: ولكن ذا البر من آمن بالله، حكاهما الزجاج.
وقرأ نافع، وابن عامر: «ولكن البر» بتخفيف نون «لكن» ورفع «البر» . وإنما ذكر اليوم الآخر، لأن عبدة الأوثان لا يؤمنون بالبعث. وفي المراد بالكتاب هاهنا قولان: أحدهما: أنه القرآن. والثاني:
أنه بمعنى الكتاب، فيدخل في هذا اليهود، لتكذيبهم بعض النبيين وردهم القرآن.
قوله تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ، في هاء «حبه» قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى المال.
والثاني: إلى الإيتاء. وكان الحسن إذا قرأها قال: سوى الزكاة المفروضة.
قوله تعالى: ذَوِي الْقُرْبى، يريد: قرابة المعطي. وقد شرحنا معنى: وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ عند رأس ثلاث وثمانين آية من هذه السورة.
فأما «ابن السبيل» ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الضيف، قاله سعيد بن جبير، والضحاك، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. والثاني: أنه الذي يمر بك مسافراً، قاله الربيع بن أنس، وعن مجاهد، وقتادة كالقولين. وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: هو المنقطع به يريد بلدا آخر وهو الطريق، وابنه: صاحبه الضارب فيه، فله حق على من يمر به إذا كان محتاجاً. ولعل أصحاب القول الأول أشاروا إلى هذا، لأنه إن كان مسافراً، فانه ضيف لم ينزل. والقول الثالث: أنه الذي يريد سفراً، ولا يجد نفقة، ذكره الماوردي وغيره عن الشافعي.
قوله تعالى: وَفِي الرِّقابِ أي في فك الرقاب. ثم فيه قولان: أحدهما: أنهم المكاتبون يعانون في كتابتهم بما يعتقون به، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، والحسن، وابن زيد، والشافعي. والثاني: أنهم عبيد يشترون بهذا السهم ويعتقون، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال مالك بن أنس، وأبو عبيد، وأبو ثور. وعن أحمد كالقولين.
وأمّا البأساء فهي: الفقر. والضراء: المرض. وحين البأس: القتال قاله الضحاك. أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا، قال أبو العالية: تكلّموا بالإيمان وحقّقوه بالعمل.
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٨]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ. روى شيبان عن قتادة أن أهل الجاهلية كان فيهم بغي، وكان الحيّ منهم إذا كان فيهم عدد وعدّة، فقتل عبدهم عبد قوم آخرين قالوا: لن نقتل به إلا حراً، تعززاً لفضلهم على غيرهم. وإذا قتلت امرأة منهم امرأة من آخرين قالوا: لن نقتل بها إلا