للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «يُتَقَبَّلُ» «ويُتَجَاوَزُ» بالياء المضمومة فيهما. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف: «نَتَقَبَّلُ» و «نَتَجَاوَزُ» بالنون فيهما، وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو عمران الجوني: «يتقبّل» «ويتجاوز» بياء مفتوحة فيهما، يعني أهل هذا القول، والأحسن بمعنى الحَسَن. فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ أي: في جملة من يُتجاوز عنهم، وهم أصحاب الجنة. وقيل: «في» بمعنى «مع» . وَعْدَ الصِّدْقِ قال الزجاج: هو منصوب، لأنه مصدر مؤكِّد لِمَا قَبْله، لأن قوله: «أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عنهم» بمعنى الوعد، لأنه وعدهم القبول بقوله: «وعد الصّدق» ، يؤكّد ذلك قوله: الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ أي: على ألسنة الرُّسل في الدنيا.

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ١٧ الى ٢٠]

وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠)

قوله تعالى: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما «١» قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي. وأبو بكر عن عاصم: «أُفِّ لكما» بالخفض من غير تنوين. وقرأ ابن كثير، وابن عامر: بفتح الفاء. وقرأ نافع، وحفص عن عاصم: «أُفٍّ» بالخفض والتنوين. وقرأ ابن يعمر: «أُفٌّ» بتشديد الفاء مرفوعة منوَّنة. وقرأ حميد، والجحدري: «أُفّاً» بتشديد الفاء وبالنصب والتنوين. وقرأ عمرو بن دينار: «أُفُّ» بتشديد الفاء وبالرفع من غير تنوين. وقرأ أبو المتوكل، وعكرمة، وأبو رجاء: «أُفْ لكما» باسكان الفاء خفيفة. وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: «أُفِّيْ» بتشديد الفاء وياءٍ ساكنة مُمالة.

(١٢٦٥) وروي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قَبْلَ إِسلامه، كان أبواه يدعُوانه إِلى الإِسلام، وهو يأبى، وعلى هذا جمهور المفسرين.

(١٢٦٦) وقد روي عن عائشة أنها كانت تُنْكِر أن تكون الآية نزلت في عبد الرّحمن، وتخلف


أخرجه الطبري ٣١٢٧٥ عن ابن عباس برواية عطية العوفي، قال: هذا ابن لأبي بكر. ولا يصح هذا، فإن رواية عطية العوفي ضعيف، وعنه من لا يعرف.
أخرجه النسائي في «التفسير» ٥١١ والحاكم ٤/ ٤٨١ والخطابي في «غريب الحديث» ٢/ ٥١٧ عن محمد بن زياد عن عائشة، وهذا منقطع، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، وتعقبه الذهبي بقوله: محمد لم يسمع من عائشة. وللقصة طريق أخرى عند البزار ١٦٢٤ «كشف» وفيه عبد الله البهي، وثقه قوم، وضعفه أبو حاتم الرازي، وقال الهيثمي في «المجمع» ٥/ ٢٤١ إسناد البزار حسن. وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ٨/ ٨٩:
لا يصح هذا عن عائشة. قلت: الذي صح في ذلك هو ما أخرجه البخاري ٤٨٢٧ عن يوسف بن ماهيك.
قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي فقالت عائشة من وراء الحجاب: «ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري» .

<<  <  ج: ص:  >  >>