وهو ظاهر القرآن، وهو مرويّ عن ابن عباس، وكعب، ووهب. والثاني: أن عيسى أَرسلهم، وجاز أن يُضاف ذلك إلى الله تعالى لأنهم رسل رسوله، قاله قتادة، وابن جريج.
قوله تعالى: قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا أي: ما لكم علينا فضل في شيء وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ أي: لم يُنزِل كتاباً ولم يُرسِل رسولاً. وما بعده ظاهر إلى قوله: قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ وذلك أن المطر حُبس عنهم، فقالوا: إِنَّما أصابنا هذا من قِبلَكم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أي: تسكتُوا عنا لَنَرْجُمَنَّكُمْ أي لَنَقْتُلَنَّكم. قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أي: شؤمكم معكم بكفركم لا بنا أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ قرأ ابن كثير «أين ذُكِّرْتم» بهمزة واحدة بعدها ياء وافقه أبو عمرو إلاَّ أنه كان يَمُدُّ. قال الأخفش: معناه حيث ذُكِّرتم، أي وُعِظتم وخُوِّفتم، وهذا استفهام جوابه محذوف تقديره: أئن ذُكِّرتم تطيَّرتم بنا؟ وقيل: أئن ذكرتم قلتم هذا القول؟ والمسرفون ها هنا المشركون.
قوله تعالى: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى واسمه حبيب النجّار، وكان مجذوماً، وكان قد آمن بالرُّسل لمَّا وردوا القرية، وكان منزلهُ عند أقصى باب من أبواب القرية، فلمَّا بلغه أنَّ قومه قد كذَّبوا الرُّسل وهمُّوا بقتلهم، جاء يسعى، فقال ما قصّه الله علينا إلى قوله تعالى: وَهُمْ مُهْتَدُونَ يعني الرُّسل، فأخذوه ورفعوه إلى الملِك، فقال له الملِك: أفأنت تَتبعهم؟ فقال: وَما لِيَ أسكن هذه الياء حمزة، وخلف، ويعقوب لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي أي: وأيُّ شيء لي إِذا لم أعبُد خالقي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ عند البعث، فيَجزِيكم بكُفركم؟! فإن قيل: لِمَ أضاف الفِطرةَ إلى نفسه والبعثَ إليهم وهو يَعلم أنّ الله فطَرهم جميعاً كما يَبعثهم جميعاً؟ فالجواب: أن إيجاد الله تعالى نِعمة يوجب الشُّكر، والبعثُ في القيامة وعيدٌ يوجب الزَّجر، فكانت إِضافةُ النِّعمة إِلى نفسه أظهرَ في الشُّكر، وإِضافةُ البعث إِلى الكافر أبلغ في الزَّجر.
ثم أنكر عبادة الأصنام بقوله تعالى: أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً.
قوله تعالى: لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ يعني أنه لا شفاعة لهم فتُغْني، وَلا يُنْقِذُونِ أثبت ها هنا