للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلّم إِلى باب زيد- وعلى الباب سِتْر من شعر- فرفعت الريح السِّتر، فرأى زينب، فلمَّا وقعت في قلبه كرهت إِلى الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله أُريد فراقها، فقال: «اتق الله» . وقال مقاتل: لمَّا فطن زيد لتسبيح رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال: يا رسول الله ائذن لي في طلاقها، فان فيها كِبْراً، فهي تَعظَّم عليَّ وتؤذيني بلسانها، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «أمسك عليك زوجك واتق الله» . ثم إِن زيداً طلَّقها بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالاسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعِتْق.

قوله تعالى: وَاتَّقِ اللَّهَ أي: في أمرها فلا تطلِّقها وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ أي: تُسِرُّ وتُضْمِر في قلبك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أي: مُظْهِره وفيه أربعة أقوال «١» : أحدها: حُبّها، قاله ابن عباس. والثاني: عهد عهده الله إِليه أنَّ زينب ستكون له زوجة، فلمَّا أتى زيد يشكوها، قال له: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ، وأخفى في نفسه ما الله مبديه، قاله علي بن الحسين. والثالث: إِيثاره لطلاقها، قاله قتادة، وابن جريج، ومقاتل. والرابع: أن الذي أخفاه: إِن طلَّقها زيد تزوجتُها، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: وَتَخْشَى النَّاسَ فيه قولان: أحدهما: أنه خشي اليهود أن يقولوا: تزوَّج محمد امرأة ابنه، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني: أنه خشي لوم الناس أن يقولوا: أمر رجلاً بطلاق امرأته ثم نكحها. قوله تعالى: وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ أي: أولى في كل الأحوال. وليس المراد أنه لم يخش الله تعالى في هذه الحال ولكن لمَّا كان لخشيته بالخَلْق نوع تعلُّق قيل له: اللهُ أحقُّ أن تخشى منهم.

(١١٤٤) قالت عائشة: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم آية هي أشدّ عليه من هذه الآية، ولو كتم شيئاً من الوحي لكتمها.

[فصل:]

وقد ذهب بعض العلماء إِلى تنزيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حُبِّها وإِيثاره طلاقها. وإِن كان ذلك


صحيح. أخرجه مسلم ١٧٧ ح ٢٨٨ والترمذي ٣٢٠٨ والنسائي في «التفسير» ٤٢٨ وأحمد ٦/ ٢٤١ والطبري ٨٥٢٢ من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة مختصرا. وأخرجه الترمذي ٣٢٠٧ من طريق داود بن الزبرقان عن داود عن أبي هند عن الشعبي عن عائشة به مطوّلا. وإسناده ضعيف جدا له علتان:
الأولى: داود بن الزبرقان متروك الحديث. والثانية: الشعبي، وهو عامر بن شراحبيل عن عائشة منقطع.
وضعفه الترمذي بقوله: غريب. وله شاهد من حديث أنس أخرجه البخاري ٧٤٢٠. وله شاهد من مرسل الحسن أخرجه الطبري ٢٨٥١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>