للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعوا. والثالث: أن الله تعالى بعث إليهم رسلاً منهم، كما بعث إلى الإِنس رسلاً منهم، قاله الضحاك ومقاتل وأبو سليمان، وهو ظاهر الكلام. والرابع: أن الله تعالى لم يبعث إليهم رسلاً منهم وإنما جاءتهم رسل الإِنس، قاله ابن جريج والفراء والزجاج. قالوا: ولا يكون الجمع في قوله تعالى: لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ

مانعاً أن تكون الرسل من أحد الفريقين، كقوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ، وإنما هو خارج من الملح وحده. وفي دخول الجن الجنة إذا آمنوا قولان: أحدهما: يدخلونها، ويأكلون ويشربون، قاله الضّحّاك. والثاني: ثوابهم أن يجاروا من النار ويصيروا تراباً، رواه سفيان عن ليث.

قوله تعالى: قُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي

أي: يقرءون عليكم كتبي، يُنْذِرُونَكُمْ

أي: يخوّفونكم بيوم القيامة.

وفي قوله تعالى: هِدْنا عَلى أَنْفُسِنا

قولان: أحدهما: أقررنا على أنفسنا بانذار الرسل لنا.

والثاني: شهد بعضنا على بعض بانذار الرسل إياهم. ثم أخبرنا الله تعالى بحالهم، فقال: غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا

أي: بزينتها وإمهالهم فيها شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ

أي: أقروا أنهم كانوا في الدنيا كافرين. وقال مقاتل: ذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشّرك والكفر.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٣١]]

ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ (١٣١)

قوله تعالى: ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ قال الزجاج: ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل، وأمر عذاب من كذب، لأنه لم يكن ربك مهلك القرى بظلم، أي: لا يهلكهم حتى يبعث إليهم رسولاً. قال ابن عباس: «بظلم» أي: بشرك وَأَهْلُها غافِلُونَ لم يأتهم رسول.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٣٢]]

وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢)

قوله تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أي: لكل عامل بطاعة الله أو بمعصيته درجات، أي: منازل يبلغها بعمله، إن كان خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً. وإنما سميت درجات لتفاضلها في الارتفاع والانحطاط، كتفاضل الدرج.

قوله تعالى: عَمَّا يَعْمَلُونَ قرأ الجمهور بالياء وقرأ ابن عامر بالتاء على الخطاب.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٣٣ الى ١٣٤]

وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (١٣٤)

قوله تعالى: وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ يريد: الغني عن خلقه ذُو الرَّحْمَةِ قال ابن عباس: بأوليائه وأهل طاعته. وقال غيره: بالكل. ومن رحمته تأخير الانتقام من المخالفين. إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ بالهلاك وقيل: هذا الوعيد لأهل مكة وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ أي: ابتدأكم مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ يعني: آباءهم الماضين. إِنَّ ما تُوعَدُونَ به من مجيء السّعة والحشر لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أي: بفائتين. قال أبو عبيدة: يقال: أعجزني كذا، أي: فاتني وسبقني.

<<  <  ج: ص:  >  >>