للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال: أحدها: من بعد نسائك اللواتي خيرتَهُنَّ فاخترن الله تعالى ورسولَه، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة في آخرين، وهُنَّ التِّسع، فصار مقصوراً عليهنّ ممنوعاً من غيرهن. وذكر أهل العِلْم أن طلاقه لحفصة وعَزْمه على طلاق سَوْدة كان قبل التخيير. والثاني: من بعد الذي أحلَلْنا لك، فكانت الإِباحة بعد نسائه مقصورة على المذكور في قوله تعالى: «إِنَّا أَحللنا لك أزواجك» إِلى قوله تعالى: خالِصَةً لَكَ قاله أُبيُّ بن كعب، والضحاك. والثالث: لا تَحِلُّ لك النساء غير المُسْلِمات كاليهوديّات والنصرانيّات والمشركات، وتَحِلُّ لك المسلمات، قاله مجاهد.

قوله تعالى: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن تطلِّق زوجاتك وتستبدل بهنَّ سِواهنَّ، قاله الضحاك. والثاني: أن تبدِّل بالمسلمات المشركات، قاله مجاهد في آخرين.

(١١٦٠) والثالث: أن تُعطيَ الرجل زوجتك وتأخذ زوجته، وهذه كانت عادة للجاهلية، قاله أبو هريرة، وابن زيد.

قوله تعالى: إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ يعني الإِماء. وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال:

أحدها: إِلا أن تَملك بالسَّبي، فيَحِلّ لك وطؤها وإِن كانت من غير الصِّنف الذي أحلَلْتُه لك وإِلى هذا أومأ أُبيُّ بن كعب في آخرين. والثاني: إِلاَّ أن تصيب يهودية أو نصرانية فتطأها بملك اليمين، قاله ابن عباس ومجاهد. والثالث: إِلاَّ أن تبدِّل أَمَتَك بأَمَة غيرك، قاله ابن زيد.

قال أبو سليمان الدمشقي: وهذه الأقوال جائزة، إِلاَّ أنَّا لا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نكح يهودية ولا نصرانية بتزويج ولا ملك يمين.

(١١٦١) ولقد سبى ريحانة القرظية فلم يَدْنُ منها حتى أسلمت.

[فصل:]

واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على قولين:

أحدهما: أنها منسوخة بقوله تعالى: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ، وهذا مروي عن عليٍّ، وابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وعلي بن الحسين، والضحاك.

(١١٦٢) وقالت عائشة: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أُحِلَّ له النساء، قال أبو سليمان الدّمشقي:


باطل. هو صدر حديث. أخرجه البزار ٢٢٥١ «كشف» والدارقطني ٣/ ٢١٨ من حديث أبي هريرة، وفيه إسحاق بن أبي فروة متروك الحديث. واتهمه الزهري، وهذا الحديث مما صنعت يداه، وهو باطل لا أصل له، وضعفه البزار جدا بقوله: إسحاق لين الحديث، ولا نحفظه إلا عنه. ووافقه ابن كثير في «تفسيره» ٣/ ٦١٨.
ونقل الآبادي عن الحافظ في «الفتح» قوله: ضعيف جدا اه. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٠٢٣.
ضعيف. أخرجه ابن سعد ٨/ ١٠٢- ١٠٣ عن عمر بن الحكم مرسلا.
ورد عن عائشة وعن أم سلمة. أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي ٣٢١٦ والنسائي ٦/ ٥٦ وأحمد ٦/ ٤١ والحميدي ٢٣٥ وابن سعد ٨/ ١٤٠ والبيهقي ٧/ ٥٤ من طريق عمرو بن دينار عن عطاء عن عائشة، ورجاله رجال الشيخين فالإسناد صحيح إذا كان عطاء سمعه من عائشة، والظاهر أنه لم يسمعه منها كما سيأتي.
وأخرجه الطبري ٢٨٥٩٤ من طريق ابن جريج عن عطاء عن عائشة. وأخرجه أحمد ٦/ ١٨٠- ٢٠١ والنسائي ٦/ ٥٦ وفي «التفسير» ٤٣٥ وابن سعد ٨/ ١٤١ والطحاوي في «المشكل» ٥٢٢ وابن حبان ٦٣٦٦ والطبري ٢٨٥٩٨ والبيهقي ٧/ ٥٤ من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به. ورجاله رجال البخاري ومسلم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٤٠ من طريق عطاء ومحمد بن علي عن عائشة، وفيه الواقدي متروك الحديث.
- وأما حديث أم سلمة، فقد أخرجه الطحاوي في «المشكل» ٥٢٤. وإسناده ساقط، فيه عمر بن أبي بكر الموصلي، وهو متروك. وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٩٤ من وجه آخر، وفيه الواقدي متروك. الخلاصة: حديث عائشة قوي، وأما حديث أم سلمة، فهو واه ليس بشيء. والجمهور على خلاف مذهب عائشة.
انظر «أحكام القرآن» ١٨٢٨ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>