النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال له: «ألك بينة» ؟ قال: لا. قال لليهودي: «أتحلف» ؟ فقال الأشعث: إذاً يحلف فيذهب بمالي. فنزلت هذه الآية. أخرجه البخاري ومسلم.
(١٨٦) والثاني: أنها نزلت في اليهود، عهد الله إليهم في التوراة تبيّن صفة النبيّ عليه السلام، فجحدوا، وخالفوا لما كانوا ينالون من سفلتهم من الدنيا، هذا قول عكرمة، ومقاتل.
(١٨٧) والثالث: أن رجلاً أقام سلعته في السوق أول النهار، فلما كان آخره، جاء رجل يساومه، فحلف: لقد منَعَها أول النهار من كذا، ولولا المساء لما باعها به، فنزلت هذه الآية. هذا قول الشعبي، ومجاهد.
فعلى القول الأول، والثالث، العهد: لزوم الطاعة، وترك المعصية، وعلى الثاني: ما عهده إلى اليهود في التوراة. واليمين: الحلف. وإن قلنا: إنها في اليهود، والكفار، فإن الله لا يكلمهم يوم القيامة أصلاً. وإن قلنا: إنها في العصاة، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: لا يكلمهم الله كلام خير. ومعنى وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، أي: لا يعطف عليهم بخير مقتاً لهم، قال الزجاج: تقول: فلان لا ينظر إلى فلان، ولا يكلمه معناه: أنه غضبان عليه.
قوله تعالى: وَلا يُزَكِّيهِمْ أي: لا يطهّرهم من دنس كفرهم وذنوبهم.
[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٨]]
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨)
قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهما: أنها نزلت في اليهود، رواه عطية عن ابن عباس. والثاني: في اليهود والنصارى، رواه الضحاك عن ابن عباس. وقوله تعالى: وَإِنَّ هي كلمة مؤكدة، واللام في قوله: «لَفريقاً» توكيد زائد على توكيد «إِنَّ» ، قال ابن قتيبه:
ومعنى يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ: يقلبونها بالتحريف والزيادة. والألسنة: جمع لسان، قال أبو عمرو: اللسان يذكر ويؤنَّث، فمن ذكره جمعه: ألسنة، ومن أنَّثه، جمعه: ألسناً. وقال الفراء: اللسان بعينه لم نسمعه من العرب إلا مذكراً. وتقول: سبق من فلان لسان، يعنون به الكلام، فيذكِّرونه. وأنشد ابن الأعرابي:
لسانك معسولٌ ونفسُك شحَّة ... وعند الثريا من صديقك مالُكا
وأنشد ثعلب «١» :
(١٨٦) ضعيف. أخرجه الطبري ٧٢٧٥ عن عكرمة مرسلا. وذكره السيوطي في «اللباب» ص ٥٨، ونقل عن الحافظ قوله: الآية محتملة، لكن العمدة في ذلك ما ثبت في الصحيح اه. وهو المتقدم. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٢٠ بدون إسناد.
أخرجه الطبري ٧٢٨٠ عن عامر الشعبي مرسلا، ورجاله ثقات، لكنه مرسل. ولأصله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى: أخرجه البخاري ٤٥٥١ والواحدي في «أسباب النزول» ٢١٩.