مخففة: من ميّتة، والمعنى واحد. وفي «النور» ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الهدى، قاله ابن عباس.
والثاني: القرآن، قاله الحسن. والثالث: العلم. وفي قوله تعالى: يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ثلاثة أقوال:
أحدها: يهتدي به في الناس، قاله مقاتل. والثاني: يمشي به بين الناس إلى الجنة. والثالث: ينشر به دينه في الناس، فيصير كالماشي! ذكرهما الماوردي.
قوله تعالى: كَمَنْ مَثَلُهُ المثل: صلة والمعنى: كمن هو في الظلمات. وقيل: المعنى: كمن لو شُبّه بشيء كان شبيهُه من في الظلمات. وقيل: المراد بالظّلمات ها هنا: الكفر.
قوله تعالى: كَذلِكَ زُيِّنَ أي: كما بقي هذا في ظلماته لا يتخلص منها، كذلك زين لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الشّرك والمعاصي.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٣]]
وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣)
قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ: أي: وكما زينا للكافرين عملهم، فكذلك جعلنا في كل قرية أكابرَ مجرميها، وقيل معناه: وكما جعلنا فُسَّاق مكة أكابرها، فكذلك جعلنا فُسَّاق كل قرية أكابرها.
وإنما جعل الأكابر فُسَّاقَ كلِّ قرية، لأنهم أقرب إلى الكفر بما أعطوا من الرياسة والسعة. وقال ابن قتيبة: تقدير الآية: وكذلك جعلنا في كل قرية مجرميها أكابر و «أكابر» لا ينصرف، وهم العظماء.
قوله تعالى: لِيَمْكُرُوا فِيها قال أبو عبيدة: المكر: الخديعة، والحيلة، والفجور، والغدر، والخلاف. قال ابن عباس: ليقولوا فيها الكذب. قال مجاهد: أجلسوا على كل طريق من طرق مكة أربعةً، ليصرفوا الناس عن الإيمان بمحمّد صلى الله عليه وسلم، يقولون للناس: هذا شاعر، وكاهن.
قوله تعالى: وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ أي: ذلك المكر بهم يحيق.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٤]]
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)
قوله تعالى: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ.
(٥٥٨) سبب نزولها: أن أبا جهل قال: زاحمتنا بنو عبد مناف في الشرف، حتى إذا صرنا كَفَرَسَيْ رِهَان، قالوا: منَّا نبيٌ يوحى إليه. والله لا نؤمن به ولا نَتَّبعِهُ أو أن يأتيَنَا وحي كما يأتيه، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل.
قال الزجاج: الهاء والميم تعود على الأكابر الذين جرى ذكرهم. وقال أبو سليمان: تعود على المجادلين في تحريم الميتة، قال مقاتل: والآية: انشقاق القمر، والدخان، قال ابن عباس في قوله تعالى: مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ قال: حتى يوحى إلينا، ويأتينا جبريل، فيخبرنا أن محمداً صادق. قال
عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الحديث، كذبه غير واحد. وأصل الحديث له شواهد واهية، دون ذكر نزول الآية.