للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٥٢) سبب نزولها: أن الكفار قالوا للمسلمين: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل ربُّكم؟

فنزلت هذه الآية، ذكره الفراء.

والمراد ب أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ: الكفار، وفي ماذا يطيعهم فيه أربعة أقوال: أحدها: في أكل الميتة. والثاني: في أكل ما ذبحوا للأصنام. والثالث: في عبادة الأوثان. والرابع: في اتباع ملل الآباء. وسَبِيلِ اللَّهِ: دينه. قال ابن قتيبة: ومعنى يَخْرُصُونَ: يحدسون ويوقعون ومنه قيل للحازر: خارص. فان قيل: كيف يجوز تعذيب من هو على ظنٍ من شركه، وليس على يقينٍ من كفره! فالجواب: انهم لما تركوا التماس الحجة، واتبعوا أهواءهم، واقتصروا على الظن والجهل، عُذِّبوا، ذكره الزّجّاج.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١١٧]]

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧)

قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ قال الزجاج: موضع «مَنْ» رفع بالابتداء، ولفظها لفظ الاستفهام والمعنى: إن ربك هو أعلم أيُّ الناس يَضل عن سبيله. وقرأ الحسن: «من يُضِل» بضم الياء وكسر الضاد، وهي رواية ابن أبي شريح. قال أبو سليمان: ومقصود الآية: لا تلتفت إلى قسم من أقسم أنه يؤمن عند مجيء الآيات، فلن يؤمن إلا من سبق له القدر بالإيمان.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١١٨]]

فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨)

قوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.


حديث قوي. ورد من وجوه متعددة بألفاظ متقاربة. فقد أخرجه أبو داود ١٨١٨ وابن ماجة ٣١٧٣ والحاكم ٤/ ١١٣ و ٢٣١ والطبري ١٣٨١٣ و ١٣٨٢٦ والبيهقي ٩/ ٢٤١ من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس: إن المشركين قالوا للمسلمين ... الحديث. وهذا إسناد، رجاله ثقات، لكن رواية سماك عن عكرمة مضطربة، وقد صحح الحافظ ابن كثير هذا الإسناد، وكدا صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وورد من وجه آخر نحوه، أخرجه النسائي في «التفسير» ١٩١ والطبري ١٣٨١٥ عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس، وإسناده غير قوي لأجل هارون بن عنترة.
وله شاهد من مرسل الحضرمي، أخرجه الطبري ١٣٨١٨ ومن مرسل الضحاك ١٣٨٢٠ لكن في الطريق جويبر بن سعيد، وهو متروك ولكن توبع جويبر برقم ١٣٨٢٨. وله شاهد من مرسل مجاهد ١٣٨٢١ و ١٣٨٢٢ ومن مرسل قتادة ١٣٨٢٣ و ١٣٨٢٥ من مرسل السدي. وله شاهد من مرسل عكرمة، أخرجه الطبري ١٣٨١٧ لكن فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح من هذا الوجه.
وورد بذكر اليهود بدل المشركين، أخرجه الترمذي ٣٠٦٩ من طريق زياد بن عبد الله البكائي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. وإسناده ضعيف لضعف عطاء بن السائب، فإنه اختلط، وزياد لين الحديث وقد اضطرب عطاء فيه فقد أخرجه أبو داود ٢٨١٩ والطبراني ١٣٨٢٩ والطبري ١٢٢٩٥، والبيهقي ٩/ ٢٤٠ كلهم عن عمران بن عيينة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «جاءت اليهود ... وذكر اليهود فيه نظر من وجوه ثلاثة. أحدها: أن اليهود لا يرون إباحة الميتة حتى يجادلوا. الثاني: أن الآية مكية.
الثالث: اضطراب الروايات عن ابن السائب. الخلاصة: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر ضعيف، وكون الذين جادلوا هم اليهود، ضعيف منكر والله أعلم. انظر «أحكام القرآن» ٨٦١ و «فتح القدير» ٩٣٢ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>