المعروف، حكاه الكلبي أيضاً.
قال السدي: فلما سمع عيسى كلامهم، لم يزد على أن ترك الرَّضاع، وأقبل عليهم بوجهه، فقال: إِني عبد الله، قال المفسرون: إِنما قدَّم ذِكر العبودية، ليُبطلَ قول من ادَّعى فيه الربوبية.
وفي قوله: آتانِيَ الْكِتابَ أسكن هذه الياء حمزة. وفي معنى الآية قولان: أحدهما: أنه آتاه الكتاب وهو في بطن أُمه، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقيل: علم التوراة والإِنجيل وهو في بطن أُمه. والثاني: قضى أن يؤتيني الكتاب، قاله عكرمة. وفي الكتاب قولان: أحدهما: أنه التوراة.
والثاني: الإِنجيل. قوله تعالى: وَجَعَلَنِي نَبِيًّا هذا وما بعده إِخبار عما قضى الله له وحكم له به ومنحه إِيَّاه مما سيظهر ويكون. وقيل: المعنى: يؤتيني الكتاب ويجعلني نبيّاً إِذا بلغتُ فحلَّ الماضي محلَّ المستقبل، كقوله تعالى: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى «١» . وفي وقت تكليمه لهم قولان: أحدهما: أنه كلَّمهم بعد أربعين يوماً. والثاني: في يومه. وهو مبنيٌّ على ما ذكرنا من الزمان الذي غابت عنهم فيه مريم.
قوله تعالى: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ.
(٩٥٦) روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في هذه الآية قال: «نفّاعاً حيثما توجهت» . وقال مجاهد: معلِّماً للخير.
وفي المراد «بالزكاة» قولان: أحدهما: زكاة الأموال، قاله ابن السائب. والثاني: الطهارة: قاله الزجاج. قوله تعالى: وَبَرًّا بِوالِدَتِي قال ابن عباس: لمَّا قال هذا، ولم يقل: «بوالديّ» علموا أنه وُلد من غير بَشَر. قوله تعالى: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً أي: متعظِّماً شَقِيًّا عاصياً لربه وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ قال المفسرون: السلامة عليَّ من الله يوم وُلدتُ حتى لم يضرَّني شيطان. وقد سبق تفسير الآية. فإن قيل: لم ذكر ها هنا «السلام» بألف ولام، وذكره في قصة يحيى بلا ألف ولام؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه لمّا جرى ذِكر السلام قبل هذا الموضع بغير ألف ولام، كان الأحسن أن يَرِد ثانية بألف ولام، هذا قول الزجاج. وقد اعتُرِض على هذا القول، فقيل: كيف يجوز أن يعطف هذا وهو قول عيسى، على الأوّل وهو قول الله عزّ وجلّ؟! وقد أجاب عنه ابن الأنباري فقال: عيسى إِنما يتعلَّم من ربِّه، فيجوز أن يكون سمع قول الله في يحيى، فبنى عليه وألصقه بنفسه، ويجوز أن يكون الله عزّ وجلّ عرَّف السلام الثاني لأنه أتى بعد سلام قد ذكره، وأجراه عليه غير قاصدٍ به إِتباع اللفظ المحكيّ، لأن المتكلِّم، له أن يغيِّر بعض الكلام الذي يحكيه، فيقول: قال عبد الله: أنا رَجُل منصف، يريد: قال لي عبد الله: أنتَ رَجُل منصِف. والجواب الثاني: أن سلاماً والسلام لغتان بمعنى واحد، ذكره ابن الأنباري.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]
ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦)
ضعيف. أخرجه أبو نعيم ٣/ ٢٥ من حديث الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وهذا منقطع الحسن لم يسمع من أبي هريرة، والأشبه كونه من كلام الحسن أو أبي هريرة، والله أعلم.