يعني: الأصنام، أي: لو شاء ما أشركنا ولا حرَّمنا من دونه من شيء من البَحِيرَة، والسائبة، والوصيلة، والحَامِ، والحرث، وذلك أنه لمّا نزل: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «١» قالوا هذا، على سبيل الاستهزاء، لا على سبيل الاعتقاد، وقيل: معنى كلامهم: لو لم يأمرنا بهذا ويُرِدْهُ منّا، لم نأته.
أي: من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله، فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ يعني: ليس عليهم إِلاّ التبليغ، فأما الهداية، فهي إِلى الله تعالى، وبيَّن ذلك بقوله: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أي: كما بعثناك في هؤلاء أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: وحِّدوه وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وهو الشيطان فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ أي: أرشده وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ أي: وجبت في سابق علم الله، فأعلم الله عزّ وجلّ أنه إِنما بعث الرسل بالأمر بالعبادة، وهو من وراء الإِضلال والهداية، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي: معتبرين بآثار الأمم المكذبة، ثم أكد أن من حقت عليه الضلالة لا يهتدي، فقال: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ أي: إِن تطلب هداهم بجهدك فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر، «لا يُهدَى» برفع الياء وفتح الدال، والمعنى: من أضله، فلا هادي له، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي:«يَهْدِي» بفتح الياء وكسر الدال، ولم يختلفوا في «يُضِل» أنها بضم الياء وكسر الضاد، وهذه القراءة تحتمل معنيين، ذكرهما ابن الأنباري: أحداهما: لا يهدي من طَبَعَهُ ضَالاًّ، وخَلَقَهُ شقيّاً. والثاني: لا يهدي، أي: لا يهتدي من أضله، أي: مَنْ أضله الله لا يهتدي، فيكون معنى يهدي: يهتدي، تقول العرب: قد هدى فلان الطّريق، يريدون: اهتدى.
(٨٥٨) سبب نزولها أن رجلا من المسلمين كان له على رجل من المشركين دَين، فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلَّم به: والذي أرجوه بعد الموت، فقال المشرك: وإِنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت؟! فأقسم بالله لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية.
وجَهْدَ أَيْمانِهِمْ مفسر في المائدة «٢» . وقوله: بَلى رَدٌّ عليهم، قال الفراء: والمعنى:
بَلى ليبعثنَّهم وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا.
قوله تعالى: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قال الزجاج: يجوز أن يكون متعلّقا بالبعث، فيكون
ضعيف. أخرجه الطبري ٢١٥٨٧ عن أبي العالية مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف عند أهل الحديث.