للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: الأصنام، أي: لو شاء ما أشركنا ولا حرَّمنا من دونه من شيء من البَحِيرَة، والسائبة، والوصيلة، والحَامِ، والحرث، وذلك أنه لمّا نزل: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «١» قالوا هذا، على سبيل الاستهزاء، لا على سبيل الاعتقاد، وقيل: معنى كلامهم: لو لم يأمرنا بهذا ويُرِدْهُ منّا، لم نأته.

قوله تعالى: ذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

أي: من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله، فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ يعني: ليس عليهم إِلاّ التبليغ، فأما الهداية، فهي إِلى الله تعالى، وبيَّن ذلك بقوله: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أي: كما بعثناك في هؤلاء أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: وحِّدوه وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وهو الشيطان فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ أي: أرشده وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ أي: وجبت في سابق علم الله، فأعلم الله عزّ وجلّ أنه إِنما بعث الرسل بالأمر بالعبادة، وهو من وراء الإِضلال والهداية، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي: معتبرين بآثار الأمم المكذبة، ثم أكد أن من حقت عليه الضلالة لا يهتدي، فقال: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ أي: إِن تطلب هداهم بجهدك فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر، «لا يُهدَى» برفع الياء وفتح الدال، والمعنى: من أضله، فلا هادي له، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «يَهْدِي» بفتح الياء وكسر الدال، ولم يختلفوا في «يُضِل» أنها بضم الياء وكسر الضاد، وهذه القراءة تحتمل معنيين، ذكرهما ابن الأنباري: أحداهما: لا يهدي من طَبَعَهُ ضَالاًّ، وخَلَقَهُ شقيّاً. والثاني: لا يهدي، أي: لا يهتدي من أضله، أي: مَنْ أضله الله لا يهتدي، فيكون معنى يهدي: يهتدي، تقول العرب: قد هدى فلان الطّريق، يريدون: اهتدى.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٨ الى ٤٢]

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)

قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ.

(٨٥٨) سبب نزولها أن رجلا من المسلمين كان له على رجل من المشركين دَين، فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلَّم به: والذي أرجوه بعد الموت، فقال المشرك: وإِنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت؟! فأقسم بالله لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية.

وجَهْدَ أَيْمانِهِمْ مفسر في المائدة «٢» . وقوله: بَلى رَدٌّ عليهم، قال الفراء: والمعنى:

بَلى ليبعثنَّهم وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا.

قوله تعالى: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قال الزجاج: يجوز أن يكون متعلّقا بالبعث، فيكون


ضعيف. أخرجه الطبري ٢١٥٨٧ عن أبي العالية مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف عند أهل الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>