للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ ابن كثير، وابن عامر وأبو عمرو، وأبو بكر وأبان عن عاصم: «الساعةُ ادْخُلوا» بالضم، وضم الخاء على معنى الأمر لهم بالدخول، والابتداءُ على قراءة هؤلاء بضم الألف. وقرأ الباقون: بالقطع مع كسر الخاء على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم، وهؤلاء يبتدئون بفتح الألف.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٤٧ الى ٥٢]

وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١)

يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)

قوله تعالى: وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ المعنى: واذكر لقومك يا محمد إذ يختصمون، يعني أهل النّار، والآية مفسّرة في إبراهيم «١» . والذين استكبروا هم القادة. ومعنى إِنَّا كُلٌّ فِيها أي: نحن وأنتم، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ أي: قضى هذا علينا وعليكم. ومعنى قول الخَزَنة لهم:

فَادْعُوا أي: نحن لا نَدْعو لكم وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي: إن ذلك يَبْطُل ولا يَنْفَع.

إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك بإثبات حُججهم.

والثاني: بإهلاك عدوِّهم. والثالث: بأن العاقبة تكون لهم. وفصلُ الخطاب: أنّ نصرهم حاصل لا بدّ منه، فتارة يكون بإعلاءِ أمرهم كما أعطى داود وسليمان من المُلك ما قهرا به كلّ كافر، وأظهر محمّدا صلّى الله عليه وسلّم على مكذِّبيه، وتارة يكون بالانتقام من مكذِّبيهم بانجاء الرسل وإهلاك أعدائهم، كما فعل بنوح وقومه وموسى وقومه، وتارة يكون بالانتقام من مكذِّبيهم بعد وفاة الرُّسل، كتسليطه بختنصر على قَتَلَة يحيى بن زكريا. وأمّا نصرهم يوم يقوم الأشهاد، فإن الله منجيهم من العذاب، وواحد الأشهاد شاهد، كما أن واحد الأصحاب صاحب. وفي الأشهاد ثلاثة أقوال: أحدها: الملائكة، شهدوا للأنبياء بالإبلاغ وعلى الأُمم بالتكذيب، قاله مجاهد، والسدي. قال مقاتل: وهم الحَفَظة من الملائكة.

والثاني: الملائكة والأنبياء، قاله قتادة. والثالث: أنهم أربعة: الأنبياء والملائكة والمؤمنون والجوارح، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «تَنْفَعُ» بالتاء، والباقون بالياء لأن المعذرة والاعتذار بمعنى الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ أي: لا يُقْبَلُ منهم إن اعتذروا وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ أي: البُعد من الرَّحمة. وقد بيَّنّا في الرعد «٢» أن «لهم» بمعنى «عليهم» ، وسُوءُ الدَّارِ: النّار.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٥٣ الى ٦٨]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)

وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢)

كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧)

هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨)


(١) إبراهيم: ٢١.
(٢) الرعد: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>