للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشرك، إِليّ يا منافق وَجَمَعَ فَأَوْعى قال الفراء: أي جمع المال في وعاءٍ فلم يؤدِّ منه زكاةً، ولم يصل منه رحماً.

[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١٩ الى ٤٤]

إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣)

وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣)

وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨)

كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣)

خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً قال مقاتل: عنى به أُميَّة بن خلف الجُمَحي «١» . وفي الهَلوع سبعة أقوال: أحدها: أنه الموصوف بما يلي هذه الآية، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال أبو عبيدة، والزجاج. والثاني: أنه الحريص على ما لا يحلُّ له، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث:

البخيل، قاله الحسن، والضحاك. والرابع: الشحيح، قاله ابن جبير. والخامس: الشَّرِه، قاله مجاهد.

والسادس: الضَّجُور، قاله عكرمه، وقتادة، ومقاتل، والفراء. والسابع: الشديد الجزع، قاله ابن قتيبة.

قوله عزّ وجلّ: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ أي: إذا أصابه الفقر جَزُوعاً لا يصبر، ولا يحتسب وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ أصابه المال مَنُوعاً يمنعه من حق الله إِلَّا الْمُصَلِّينَ وهم أهل الإيمان بالله. وإنما استثنى الجمع من الإنسان، لأنه اسم جنس الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وفيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم الذين يحافظون على المكتوبات، وهو معنى قول ابن مسعود. والثاني: أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم في الصلاة، قاله عقبة بن عامر، واختاره الزجاج. قال: ويكون اشتقاقه من الدائم، وهو الساكن، كما جاء في الحديث أنه:


(١) الصحيح عموم الآية، ولفظ «آل» في «الإنسان» لاستغراق الجنس. وقال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» ١٨/ ٢٥١: قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً يعني الكافر، عن الضحاك، والهلع في اللغة: أشد الحرص، وأسوأ الجزع وأفحشه والمعنى: أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي. وقال صلّى الله عليه وسلم: «شرّ ما أعطي العبد شحّ هالع وجبن خالع» اه. قلت: حسن. أخرجه أبو داود ٢٥١١ والبخاري في «التاريخ» ٦/ ٨- ٩ وابن حبان ٣٢٥٠ وأبو نعيم ٩/ ٥٠ وأحمد ٢/ ٣٠٢ و ٣٢٠ من حديث أبي هريرة وإسناده حسن فيه عبد العزيز بن مروان، وهو صدوق، والحديث جوّده العراقي في «الإحياء» ٣/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>