للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الزّلزلة

وفيها قولان: أحدهما: أنها مدنيّة، قاله ابن عباس، وقتادة، ومقاتل، والجمهور. والثاني:

مكّيّة، قاله ابن مسعود، وعطاء وجابر.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤)

بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)

قوله عزّ وجلّ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أي: حُرِّكت حركةً شديدةً، وذلك عند قيام الساعة.

وقال مقاتل: تتزلزل من شدة صوت إسرافيل حتى يَنْكَسِرَ كلُّ ما عليها من شدة الزّلزلة ولا تسكن حتى تلقيَ ما على ظهرها من جبل، أو بناءٍ، أو شجر، ثم تتحرك وتضطرب، فتُخْرِج ما في جوفها. وفي وقت هذه الزلزلة قولان: أحدهما: أنها تكون في الدنيا، وهي من أشراط الساعة، قاله الأكثرون.

والثاني: أنها زلزلة يوم القيامة، قاله خارجة بن زيد في آخرين. قال الفراء: حدثني محمد بن مروان، قال: قلت للكلبي: أرأيت قول الله عزّ وجلّ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها؟ فقال: هذه بمنزلة قوله عزّ وجلّ: وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً «١» فأضيف المصدر إلى صاحبه. وأنت قائل في الكلام: لأُعطيَنَّكَ عَطِيَّتَكَ، تريد عطية. والزِّلزال بالكسر المصدر، وبالفتح: الاسم. وقد قرأ أبو العالية، وأبو عمران، وأبو حيوة والجحدريّ «زلزالها» بفتح الزاي.

قوله عزّ وجلّ: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها فيه قولان «٢» : أحدهما: ما فيها من الموتى، قاله ابن عباس. والثاني: كنوزها، قاله عطية. وجمع الفراء بين القولين، فقال: لفظت ما فيها من ذهب، أو فضّة أو ميت.

قوله عزّ وجلّ: وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها فيه قولان: أحدهما: أنه اسم جنس يعمّ الكافر والمؤمن،


(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٦٤٣: أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حقّ تقواه، وعبده كأنه يراه، وعلم أنه إن لم يره فإنه يراه. وقال ابن جرير رحمه الله في «تفسيره» ١٢/ ٦٥٨: يقول: لمن خاف الله في الدنيا في سرّه وعلانيته، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه.
(٢) نوح: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>