للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهديهم إِلى أرشد الأمور، قاله ابن عباس. والثاني: يحقق لهم الهداية، قاله الحسن. والثالث: إِلى مُحاجَّة منكَر ونكير. والرابع: إِلى طريق الجنة، حكاهما الماوردي. وفي قوله: عَرَّفَها لَهُمْ قولان:

أحدهما: عرَّفهم منازلهم فيها فلا يستدِلُّون عليها ولا يُخطِئونها، هذا قول الجمهور، منهم مجاهد وقتادة واختاره الفراء، وأبو عبيدة. والثاني: طيَّبها لهم، رواه عطاء عن ابن عباس. قال ابن قتيبة: وهو قول أصحاب اللغة، يقال: طعامٌ معرَّف، أي مطيَّب. وقرأ أبو مجلز وأبو رجاء وابن محيصن: «عَرَفَها لهم» بتخفيف الراء.

[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٧ الى ١٤]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١)

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤)

قوله تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ أي: تنصُروا دينه ورسوله يَنْصُرْكُمْ على عدوِّكم وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ عند القتال. وروى المفضل عن عاصم: «ويُثْبِتْ» بالتخفيف. وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ قال الفراء:

المعنى: فأتْعَسَهم اللهُ، والدُّعاء قد يجري مَجرى الأمر والنهي. قال ابن قتيبة: هو من قولك: تَعَسْتُ، أي: عَثَرْتُ وسَقَطْتُ. وقال الزجاج: التَّعْسُ في اللغة: الانحطاط والعُثُور. وما بعد هذا قد سبق بيانه «١» إلى قوله: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي: أهلكهم اللهُ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها أي: أمثالُ تلك العاقبة. ذلِكَ الذي فعله بالمؤمنين من النصر، وبالكافرين من الدَّمار بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا أي: ولِيُّهم. وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله: وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ أي: إِن الأنعام تأكُل وتشرب، ولا تَدري ما في غدٍ، فكذلك الكفار لا يلتفتون إِلى الآخرة. و «المثوى» : المَنْزِل. وَكَأَيِّنْ مشروح في آل عمران «٢» .

والمراد بقريته: مكة وأضاف القوة والإخراج إِليها، والمراد أهلُها ولذلك قال: أَهْلَكْناهُمْ. قوله تعالى: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ فيه قولان: أحدهما: أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاله أبو العالية.

والثاني: أنه المؤمن، قاله الحسن. وفي «البيِّنة» قولان: أحدهما: القرآن، قاله ابن زيد. والثاني:

الدِّين، قاله ابن السائب. كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ يعني عبادة الأوثان، وهو الكافر وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ بعبادتها.


(١) الكهف: ١٠٥، يوسف: ١٠٩.
(٢) آل عمران: ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>